شروط بنموسى لولوج التعليم… بين رؤية استشرافية وإجهاز على ”الشواهد الجامعية“
يواصل شكيب بنموسى وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، سلسلة قراراته المفاجئة التي تهم تكوين وتوظيف ألأطر المستقبلية لوزارته، فبعد الشروط الجديدة التي جاء بها قرار تنظيم مباريات توظيف الأطر النظامية للأكاديميات، المثيرة للجدل المعروفة ب”شروط بنموسى”، كشف بنموسى اليوم عن اعتماد ولوج مراكز التكوين الجهوية لمهن التربية ومسالك علوم التربية في الجامعات بشهادة الباكالوريا.
وجاء هذا القرار حسب وزير التربية الوطنية في إطار خطة إصلاح شاملة للمنظومة التربوية على ضوء تشخيص وتوصيات تقرير النموذج التنموي الذي يترأسه الوزير بنموسى بنفسه لجنة إعداده، وكذلك انسجاما وقانون الإطار الذي يروم إصلاح منظومة التربية والتكوين بالمغرب.
وقوبل تصريح بنموسى، أمس أمام لجنة التعليم والثقافة بمجلس النواب، بشأن ولوج مسالك علوم التربية ومراكز التكوين بشهادة الباكلوريا حصرا ابتداء من العام المقبل ردود فعل متباينة، فبينما يراها العديد آخر مسمار يدق في نعش عدد من الشعب في كليات ذات الاستقطاب المفتوح، وإيذانًا بوفاة القيمة العلمية والأكاديمية للشواهد الجامعية، حيث لا توفر لصاحبها إمكانية الالتحاق بسلك التعليم، فينا يراها آخرون تفعيلا حقيقيا ومهما لخرجات تقرير النموذج التنموي ولمطالب عديد من المنظمات المهتمة بقطاع التعليم بالمغرب، وبداية لتجريد تكوين أساتذة المستقبل قصد رفع تحدي بناء منظومة تعليمية متطورة وذات جودة.
وفي هذا السياق قال مصطفى تاج، الفاعل التربوي أن القرارات التي تم الاعلان عنها اليوم في إجتماع لجنة التعليم والثقافة والإتصال بمجلس النواب من طرف وزير التربية الوطنية، حول موضوع تسقيف السن لمهن التربية، تتزامن مع تقرير لجنة التقييم التي تترأسها الأستاذة رحمة بورقية، المنبثقة عن المجلس الأعلى للتربية والتكوين، حول مهنة الأستاذ في عدد من الدول المتقدمة والسائرة في طريق النمو، والتي كشفت على أن الهاجس الذي يشغل مدبري هذه المهن هو الجاهزية والجاذبية والحافزية.
وأضاف تاج، في تصريح لجريدة “هبة بريس” الإلكترونية، أن هذه القرارات قد تكون صادمة وذات وقع فجائي، لكن إذا ما ربطناها بالبرنامج الحكومي للخمس سنوات المقبلة ومشروع النموذج التنموي الجديد الذي سيؤطر السنوات المقبلة، وكذلك رؤية إصلاح منظومة التربية والتكوين، الذي يؤطرها القانون الإطار الممتد إلى سنة 2030، تفرض كلها إتخاذ قرارات استشرافية وعلى المدى البعيد.
ولفت الخبير التربوي إلى أن هناك خصاص في انتاج أطر التربية والتكوين سواء في شعب التربية في الكليات أو المراكز الجهوية للتربية والتكوين، حيث لا يتم تخريج سوى 1500 خريج سنويا في الوقت الذي تعرف المنظومة خصاصا يقدر بأكثر من 15 الف إطار في السنة، معتبرا أن الإعتماد على التلاميذ المتفوقين لولوج مراكز التكوين ومسالك التربية بالكليات، هو قرار مهم وينسجم مع خطط إصلاح المنظومة التربوية، ولطالما عبرنا على ضرورة أن يكون قطاع التربية والتكوين ذو أولوية، وتحكمه قرارات ذات بعد استراتيجي وليس قرارات ارتجالية.
وشدد المتحدث على أن الرغبة في تكوين جيل جديد من الأطر التربوية، يؤكد على أن هذا القرار جيد جدا، وتحكمه رؤية استراتيجية استشرافية التي وضعها القانون الإطار، لافتا إلى أن التخوف الكبير هو في أن لا توازي هذه النظرة الاستشرافية في قطاع التربية والتكوين سياسات مماثلة في القطاعات الأخرى، حيث سيؤدي الأمر إلى تفريخ الآلاف من حاملي الشواهد الجامعية دون فرصة الولوج للشغل، بفعل عدم تمكنهم من ولوج مهن التربية والتعليم ولغياب سياسة إدماجية حقيقية لهم في سوق الشغل، وهو الأمر الذي يسائلنا جميعا وبشدة في هذه المرحلة.