“مدرسة حقلية” تنشر الممارسات الزراعية السليمة بين الجبال في شفشاون
تزامنا مع موسم جني الزيتون، نُظمت مدرسة حقلية في مرتفعات جماعة لغدير بإقليم شفشاون حول الممارسات الفلاحية الجيدة لشجرة الزيتون لفائدة طلبة معهد التقنيين المتخصصين في الفلاحة الكائن بمنطقة بن قريش بمدينة تطوان.
وتندرج هذه المبادرة في إطار برنامج “المثمر”، الذي يسهر من خلاله مهندسون زراعيون تابعون لمجموعة المكتب الشريف للفوسفاط (OCP) على تقديم معلومات تقنية وعلمية للفلاحين من أجل رفع مردودية نشاطهم الفلاحي وخفض التكلفة والحفاظ على الموارد الطبيعية.
وتسعى المدارس الحقلية، وهي فكرة معتمدة في عدد من الدول عبر العالم، إلى تمكين أكبر عدد من الفلاحين من الاستفادة من نصائح المهندسين الزراعيين والخبراء بالاعتماد على التواصل المباشر في الحقل، وتقديم الممارسات الجيدة وأثرها في الميدان مقارنة بالممارسات التقليدية الاعتيادية.
وفي الوقت الذي انهمك فيه السكان بجماعة لغدير في جني الزيتون، كان طلبة معهد بن قريش وعدد من الفلاحين، أمس الجمعة، على موعد مع مدرسة حقلية على مقربة منهم أطرها عبد الدايم الحجام، مهندس دولة في الزراعة مسؤول مبادرة “المثمر” بإقليم شفشاون.
وقدم المهندس الشاب نصائح عديدة للطلبة فيما يتعلق بجني محصول الزيتون؛ من بينها ضرورة استعمال الصناديق لجمع الغلة، واعتماد الجني عن طريق السلب عوض العصا، واستعمال الهزاز بالنسبة إلى الأشجار العالية.
وشدد الحجام، ضمن عرض قدمه أمام حقل يضم أشجار الزيتون، على ضرورة عصر المنتوج مباشرة بعد جنيه للحصول على زيت ذات جودة عالية.
وفي هذا الصدد، أشار المهندس المتخصص في الزراعة المسؤول عن مبادرة “المثمر” بإقليم شفشاون إلى أن إبقاء محصول الزيتون لوقت طويل يزيد من نسبة الحموضة فيه، وبالتالي التأثير على جودته.
وتتوفر جماعة لغدير بإقليم شفشاون على حوالي عشر معاصر لطحن الزيتون حاصلة على ترخيص من المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية لاحترامها المعايير المطلوبة؛ من قبيل جمع المرجان في أحواض حتى يتبخر، والتخلص من الفيتور من خلال بيعه لمصنعي الياجور عوض رمي كل ذلك في الطبيعة.
وقال الحجام، في تصريح لجريدة هسبريس، إن سلسلة إنتاج الزيتون بالمناطق الجبلية الواقعة بإقليم شفشاون تواجه عددا من التحديات المناخية المرتبطة بقساوة المناخ والجغرافية من خلال صعوبة التضاريس.
وأضاف المهندس الزراعي أن مبادرة “المثمر” تعمل على تقديم حلول مبتكرة ورائدة للفلاحين بإقليم شفشاون، كما في مختلف أقاليم المملكة، من أجل الرفع من المردودية وتحسين جودة الإنتاج وبالتالي الزيادة في الدخل.
وتعتمد مبادرة “المثمر” في نهجها على المنصات التطبيقية التي يطلع من خلالها الفلاح مباشرة على نجاعة الممارسات العلمية والتقنية التي يقدمها المهندسون الزراعيون؛ وهو ما يجعله يعيد النظر في عدد من الممارسات التقليدية التي تؤثر سلبا على نشاطه الفلاحي.
وجرى في إقليم شفشاون إحداث حوالي مائة منصة تطبيقية تم من خلالها تحليل التربة وتحديد السماد المعقلن المناسب، إضافة إلى مواكبة الشجر على مستوى الحوض ومعالجة الأمراض واعتماد الجني السليم؛ وهو ما ساهم في رفع الإنتاجية من طن واحد في الهكتار الواحد في الحقل الشاهد العادي إلى 3 أطنان في المنصة التطبيقية.
يوسف الزوين، صاحب إحدى القطع الأرضية التي اعتمدت كمنصة تطبيقية، قال، في تصريح لهسبريس، إن نتيجة مواكبة برنامج “المثمر” كانت إيجابية جدا من حيث المردودية في الهكتار وجودة الزيت.
وأضاف الفلاح أن تحليل التربة التي يقدمها البرنامج مجانا مكنه من استعمال السماد الفعال، الذي ساهم في ظهور نتيجة إيجابية خلال السنوات الأولى من اعتماد التقنيات الجديدة.
ويسهر معهد التقنيين المتخصصين في الفلاحة الكائن في منطقة بن قريش، التابع لوزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، على تكوين تقنيين متخصصين في شعبتي الأعشاب الطبية والعطرية وتقنيات مختبر المواد الغذائية، إضافة إلى مستوى التأهيل في البستة.
وحول أثر مبادرة المدرسة الحقلية بالنسبة إلى الطلبة المشاركين فيها، قالت فاطمة بلعود، الأستاذة المكونة بالمعهد سالف الذكر، إن الحلقة الدراسية الميدانية كانت جد مثمرة للاطلاع على التقنيات الجيدة لجني الزيتون وكيفية الحصول على جودة عالية، إضافة إلى تقنيات حساب نسبة الحموضة.
وأوضحت بلعود أن هذه المبادرة تؤهل الطلبة لتطبيق المعلومات والتقنيات التي تلقوها في الدروس النظرية في المؤسسة، التي تعتمد التكوين النظري والتطبيقي في الضيعات والمؤسسات الفلاحية.
يشار إلى أن “المثمر” هي مبادرة متعددة الخدمات أطلقتها مجموعة OCP في شتنبر 2018، توفر عروضا متطورة ومشخصة لمواكبة الفلاحين، ولا سيما الصغار منهم؛ لتمكينهم من تبني الممارسات الزراعية السليمة، وخاصة التسميد المعقلن الذي يلعب دورا مهما في الرفع من الإنتاجية مع الحفاظ على الموارد الطبيعية.
وتشمل مبادرة “المثمر” مجموعة من الحلول والمنتجات والخدمات من أجل المواكبة الفلاحية (تحاليل التربة، تكوينات، منصات تطبيقية، آليات متنقلة، تتبع وإرشاد)، بالإضافة إلى حلول تكنولوجية سهلة الاستخدام وبرنامج لدعم القدرات لصالح الفلاحين، والمرأة القروية والتعاونيات والشباب الرائد.
ويهدف برنامج المثمر، الذي يتوفر على مهندسين زراعيين في مختلف أقاليم المملكة، إلى تمكين الفلاح من الوسائل الضرورية للمرور من فلاحة معيشية إلى نشاط تجاري مربح اقتصاديا ومستدام بالاستناد على النهج العلمي.