رفض لقاحات الجائحة .. وزيران سابقان يقاربان شك المجتمع وخطاب الدولة
مزيد من “أزمة الثقة” يكرسها توالي الأيام وضعف المتوافدين على مراكز التلقيح ضد كورونا، فأمام الخطابات المتوالية لمؤسسات الدولة مازال طيف واسع من المواطنين مصرين على “مقاطعة اللقاحات”.
وشرعت الوزارة الوصية في إرسال رسائل نصية عبر الرقم 1717 إلى العديد من المواطنين من أجل إخبارهم بانتهاء صلاحية جوازاتهم الصحية، التي تعتبر وثيقة إجبارية لولوج الأماكن العامة.
وتكابد خطوة التطعيم صعوبات بالغة، أمام سطوة شائعات يخرج بعضها إلى العلن بين الحين والآخر، فيما يظل البعض مشككا في مدى فعالية اللقاحات وجدية الحملة التي تخوضها الدولة من أجل التلقيح.
وحسب معطيات حصلت عليها هسبريس من وزارة الصحة فإن عدد الذين انتهت صلاحية جوازاتهم الصحية يتجاوز 4 ملايين شخص، سبق لهم أن حصلوا على الجرعة الثانية، لكنهم لم يتوجهوا بعد إلى مراكز التلقيح للحصول على الجرعة الثالثة.
المؤامرة والديمقراطية
إسماعيل العلوي، وزير سابق وقيادي تاريخي لحزب التقدم والاشتراكية، اعتبر أن الأمر مرتبط بنقاش الواجب والحرية والأخلاق، مسجلا أنه “لا يحق لأي كان أن يتسبب في الضرر للآخرين”.
وأضاف العلوي، في تصريح لجريدة هسبريس، أن “النقاش بشأن اللقاحات مطلوب، لكن العالم كله يتجه نحو التطعيم”، مؤكدا أن “جشع الشركات كذلك يدفع الناس إلى الخوف”.
واعتبر السياسي المغربي أن “هذه المرحلة تمر منها الإنسانية جمعاء”، مشيرا إلى أن “مشكل الثقة بين المواطنين وخطاب الدولة مرتبط بمستوى الإدراك العام للحقوق والواجبات؛ وكذلك مدى حرص الدولة على أخذ رأي المواطنين”، ومستخلصا أن “المشكل في النهاية مرتبط بالديمقراطية وانتشار نظرية المؤامرة السارية في ذهنيات العديدين”.
عامل الخوف
سعيد السعدي، وزير سابق في حكومة التناوب، سجل أن “معطى فرض جواز التلقيح من حيث المبدأ يأتي لحماية المواطنين، لكن الخطأ ثابت على مستوى التوقيت والتفسير”.
وأضاف السعدي، في تصريح لجريدة هسبريس، أن “مقاربة المغرب لجائحة كورونا كانت ناجحة، لكن فرض الجواز، دون تعبئة المواطنين وتهميش المجتمع المدني، أضعف الأمر”.
وأورد المسؤول الحكومي السابق أن “الدولة تخاف من الحركات الاجتماعية، وبالتالي يغلب على تدخلها الطابع الأمني، وهذه من بين عناصر إضعاف الثقة والتعبئة”.
وأردف السعدي بأنه “دون تحقيق عنصر الثقة لا يمكن بناء نموذج تنموي جديد، ففي النهاية التنمية هي من أجل الناس وبواسطة الناس”، مناديا بمقاربة تشاركية “تنهي التعاطي الفوقي مع المواطن”.