جميع الأخبار في مكان واحد

حقل تندرارة.. صفعة جديدة من المغرب لحكام العسكر بالجارة الشرقية

هبة بريس ـ ياسين الضميري

بعد أن حاول حكام قصر المرادية بشتى الوسائل ضرب المصالح الاقتصادية المغربية من خلال سلسلة من القرارات كان من بينها وقف تموين إسبانيا بالغاز عبر الأنبوب المار من الأراضي المغربية بغية زعزعة الأمن الطاقي للمملكة باعتبار النسبة التي كانت الرباط تستفيد منها كمقابل للسماح بتدفق غاز الجزائر نحو الضفة الأخرى، اختار المغرب مواصلة التجاهل لكل هاته الاستفزازات و استكمال مشاريعه التي يعتبرها بمثابة أفضل رد على كيد الحاقدين و بغض الحاسدين.

حقول “تندرارة” كانت بمثابة الصفعة التي وجهها المسؤولون المغاربة لوجه حكام الجارة الشرقية، حيث لم يكن أحد من النظام العسكري ينتظر أن يرد المغرب على التعامل الجزائري “الغبي” بهاته الطريقة التي تنم على السياسة الرشيدة التي تنهجها المملكة المغربية الشريفة، المملكة المتجذرة و العريقة تاريخيا، تحت القيادة الحكيمة لعاهل البلاد الملك محمد السادس.

ضربة قاضية جديدة تلقتها الجارة الشرقية التي ما تزال تئن من شدة الحسرة على ضياع نقاط كثيرة و عديدة في مواجهتها “غير المتكافئة” مع المغرب، فبعد تحرير الكركرات من مرتزقة العصابة المدعومة بشتى الطرق بمال الشعب الجزائري الشقيق، و هروب من تم تجنيدهم على الأراضي الجزائرية و تدريبهم من أرض مغربية بقوة التاريخ، وحدها نعالهم ظلت شاهدة على الواقعة التي دبرتها القوات المسلحة الملكية المغربية بكثير من الحكمة و الرزانة، و بعد تدشين العشرات من القنصليات بالعيون و الداخلة من طرف بوريطة “مول المقص” الذي أصبح إسمه يقض مضجع البعض في بلاد يديرها “تبون”، و بعد الاعتراف الأمريكي الصريح و الواضح بمغربية الصحراء و بسيادة المملكة على كامل أقاليمها الجنوبية العزيزة و الغالية على قلوب كل المغاربة، ها هي الصفعة تأتي من جديد عنوانها “تندرارة”.

قبل أسبوع تقريبا، أعلنت مجموعة “ساوند اينرجي” البريطانية، إحدى أكبر الشركات المتخصصة في التنقيب و استخراج الغاز عبر العالم، عن توقيعها لعقد مع المغرب يسمح لها بنقل كميات كبيرة من الغاز المستخرج من حقول تندرارة و نقلها عبر الأنبوب المغاربي لخارج المملكة لتزويد بريطانيا و بعض الأسواق الأوربية به.

خبر نزل كالصاعقة على حكام العسكر بالجزائر و لربما كاد يغمى عليهم من هول ما أعلنته الشركة البريطانية، و لحسن الحظ فأول من نشر الخبر كانت صحف بريطانيا و وكالة أنبائها الرسمية و ليس المغرب، و إلا لكانت قنوات الشرور و الظلام و مثلهما كثير، المتخصصة في مهاجمة وتبخيس كل ما هو مغربي، سباقة لإذاعة خبر “المؤامرة المخزنية” و ترويج أخبار مغلوطة.

و ما زاد من شدة الصفعة التي تلقاها النظام العسكري الحاكم الذي سلطته الأقدار على جارتنا العزيزة، هو أن الأنبوب الذي سيتم من خلاله نقل غاز تندرارة لأوروبا مولته الجزائر و صرفت عليه أموالا طائلة ليصير في نهاية المطاف ملكا للمغرب بقوة القانون.

فمع انتهاء الاتفاق مع الجزائر، أصبح خط الأنابيب خاصا بالرباط، إذ إنه بموجب الاتفاقية بعد انتهاء العقد يصبح الأنبوب ملكا للدولة العابر لأراضيها، وهو ما نجحت الرباط في استغلاله من خلال الاتفاق مع شركة ساوند إينرجي البريطانية المتخصصة في استكشاف حقول النفط والغاز.

و ينص العقد الذي أبرمته الرباط مع ساوند إينرجي على بيع 350 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي سنويا، على مدى 10 أعوام، من حقل تندرارة شرق البلاد و نقله لبريطانيا و دول الاتحاد الأوروبي عبر الأنبوب المغاربي.

وتعهدت الشركة البريطانية بشروط إنتاج ومعالجة وتسليم الغاز من حقول تندرارة وفقا لمواصفات الغاز المطلوبة من المكتب الوطني المغربي للهيدروكربونات، ليمر عبر خط أنابيب الغاز “المغاربي-الأوربي”.

و في هذا الصدد، صرح غراهام ليون الرئيس التنفيذي لشركة ساوند إينرجي لوسائل إعلام دولية بأن الاتفاقية مع المغرب خطوة مهمة طال انتظارها و ستسمح للشركة بالتقدم في التخطيط التنموي للمرحلة الثانية المقترحة.

و أضاف المسؤول البريطاني بأن صفقة غاز المغرب تشمل بالإضافة إلى تطوير المرحلة الأولى في حقل تندرارة، بناء منشأة لإنتاج الغاز الطبيعي المسال، من أجل تسييل موارد الغاز في المشروع.

و شدد المتحدث نفسه أن الاتفاقية الجديدة مشروطة بعدد من المواعيد النهائية التي يجب الوفاء بها في غضون 90 يوما، وتشمل الموافقة على جميع التصاريح اللازمة لبناء منشآت الغاز في المرحلة الثانية، وموافقة السلطات المغربية على قرار الاستثمار النهائي بمجرد اتخاذه، واتفاقية الربط البيني مع مشغل خط أنابيب المغرب العربي وأوروبا وبدء العمل في توصيله بحقل تندارة، ويسمح بالتمديد إلى حد 90 يوما بموافقة جميع الأطراف.

و أكد ليون بأن تلبية الشروط السابقة في إطار جدول زمني ضيق مدته 90 يوما يمثل تحديا، لكن جميع الأطراف أعربت عن دعمها الانتهاء من الأمر مع الممولين، حيث تتضمن الاتفاقية سعرا موحدا ثابتا للحجم السنوي، والذي سينتج عنه إجمالي الإيرادات السنوية المنسوبة إلى امتياز حقل تندارة، البالغ نحو 84 مليون دولار.

و كانت ساوند إينرجي قد توقعت وجود كميات كبيرة من الغاز شرق المغرب بتندرارة تفوق 20 مليار طن من الغاز، و هو ما يشكل احتياطي مهم جدا من هاته المادة الحيوية.

موازاة مع ذلك، أعلنت كذلك شركة أوروبا أويل آند غاز المدرجة في بورصة لندن عن اكتشاف احتياطات ضخمة من الغاز بسواحل أكادير جنوب المغرب مما يعطي أملا للرباط من أجل الحصول على إيرادات مستدامة مستقبلا بعد بدء عمليات الإنتاج رسميا.

و أوضحت الشركة في بلاغ لها بأن الاحتياطي المكتشف ضواحي أكادير يتجاوز ملياري برميل من المكافئ النفطي في حقل إنزكان أوفشور، بعد حفر مجموعة من الآبار بالمنطقة البحرية وذلك على مساحة تغطي أكثر من 11 ألف كيلومتر مربع.

و عزت الشركة في بيان لها، احتواء المنطقة على كميات هائلة من النفط، إلى وقوعها في خط جيولوجي على طول الساحل الغربي لإفريقيا الغني بالغاز والبترول، مؤكدة أن فرص استكشاف النفط في تلك المنطقة عالية جدا.

بدورها، شركة “SDX energy” البريطانية المتخصصة في التنقيب عن النفط والغاز، كانت قد أعلنت قبل أربعة أشهر تقريبا، عن إنتهاء المرحلة الأولى من عملية التنقيب عن الغاز في غرب المغرب، بتحديدها لثلاث آبار يبلغ إجمالي احتياطاتها من 1.5 إلى 1.6 مليار قدم مكعب من الغاز.

اكتشاف المغرب وجود كميات هائلة من الغاز بمناطق مختلفة من البلاد لم يكن وليد اللحظة، بل تم الإعلان عن ذلك في فترات زمنية متفرقة، غير أن تلك الحقول لم يكن المغرب يستغلها، و ظل يستثمر بها في غفلة من “جارته الحقودة” قبل أن يفاجئها بين عشية و ضحاها بكون عمليات الإنتاج بها لا تعدو أن تكون مجرد “أمر بسيط” فقط ليتم ذلك.

تتوالى الصفعات و تستمر قافلة المملكة في طريقها الصحيح غير عابئة بالنباح من هنا و هناك، نباح مصدره معروف و أسبابه كذلك، في انتظار أن يخرج أحد محللي “الكرتون” في جارتنا ليطل علينا في إحدى قنوات بلاده “الهمومية” كانت أم “الموجهة” ليقول لنا ربما بأن المغرب “سرق” الغاز من حقول الجزائر و امتص الخيرات النفطية من باطن الأرض، إنها المؤامرة المخزنية برك يا خو لتركيع القوة الضاربة…

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.