معيقات مادية وصعوبات اجتماعية تعرقل مجهودات محاربة الهدر المدرسي
رغم المجهودات المبذولة من طرف الوزارة المسؤولة عن تدبير الشأن التعليمي بالمغرب، وأمام المبادرات التي يقوم بها المهتمون والمشتغلون بالقطاع التربوي بشكل مباشر أو في إطار شراكات واتفاقيات محلية وجهوية وإقليمية، وعلى الرغم من البرامج والاستراتيجيات الرامية إلى الإبقاء على التلاميذ داخل المنظومة التربوية لأطول مدة ممكنة…، إلا أن ظاهرة الهدر المدرسي ما تزال تنخر القطاع وتبعد المتمدرسين عن مكانهم الطبيعي.
وإذا كانت المصالح المركزية بقطاع التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة قد أصدرت منذ سنوات مذكرات ومراسلات لشخيص وتحليل وضبط ومحاربة ظاهرة الهدر المدرسي في الوسط التعليمي، عبر تفعيل خلايا اليقظة التربوية بالمؤسسات التعليمية، وتسهيل الاستفادة من التربية غير النظامية، وإرجاع التلاميذ المفصولين والمنقطعين عن الدراسة، ومحاربة العنف المدرسي…، فإن عددا من التلاميذ يضطرون، لسبب أو لآخر، إلى مغادرة أسوار المؤسسات التعليمية، خاصة في صفوف الإناث.
انقطاع مع نهاية السلك الابتدائي
وفي هذا السياق، قالت “خديجة. ك”، إحدى التلميذات المنقطعات عن الدراسة قُبيل اجتياز شهادة الدروس الابتدائية، إن “الدراسة في الوسط القروي ليست بالأمر الهين، ونيل شهادة الدروس الابتدائية في حد ذاته يتطلب من أغلب التلاميذ بذل مجهود يومي بسبب بعد المدرسة عن المنازل، فيما تزداد المشقة خلال فصل الشتاء وفترات البرد القارس والتساقطات والأوحال والبرك…”.
وأضافت المتحدثة، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “وجود الأقران والأصدقاء والصديقات يشجع تلاميذ السلك الابتدائي بالوسط القروي على مواصلة الدراسة رغم المشاق اليومية، لكن بمجرد الحصول على شهادة الدروس الابتدائية، تظهر مشاكل أخرى مرتبطة بضرورة الانتقال إلى أقرب ثانوية إعدادية عن القرية، مما يتطلب خوض تحد جديد لا يقوى عليه كل التلاميذ”.
وعن نوعية المشاكل التي تواجه الناجحين في السنة السادسة من التعليم الابتدائي، أوضحت خديجة أن “الفرص التي تتاح للأطفال القاطنين بالمدن والمراكز لا تتحقق لجميع القاطنين بالقرى والبوادي، حيث تكون الثانويات الإعدادية، في غالب الأحيان، بعيدة عن الدواوير بسبب تواجدها في المراكز الحضرية أو بالتجمعات السكانية الكبيرة، مما يجعل أطفال الدواوير أمام تحديات التنقل والاستقرار والعيش بعيدا عن الأسرة في بعض الأحيان”.
المشاكل متعددة والانقطاع واحد
وأشارت التلميذة المنقطعة عن الدراسة إلى أن “بُعد الثانوية الإعدادية عن القرية، وغياب النقل المدرسي، وصعوبة الاستقرار قرب المؤسسة التعليمية الجديدة بعيدا عن أفراد الأسرة، عوامل جعلتني أنقطع عن الدراسة قُبيل اجتياز امتحان شهادة الدروس الابتدائية، بعدما تبيّن لي أن الانقطاع عن الدراسة أمر لا محيد عنه، سواء حصلت على الشهادة أو لم أحصل عليها”.
وشددت خديجة على أن “عددا من صديقاتها انقطعن عن الدراسة لأسباب ودوافع تختلف من أسرة إلى أخرى، لكنها ترتبط في الغالب ببعد الثانويات الإعدادية عن القرية، أو غياب الداخليات والنقل المدرسي، أو هشاشة الوضعية المالية للأسر، أو صعوبة استعمال وسائل النقل العمومية بشكل يومي، أو تفادي المشاكل التي قد يتسبب فيها الاستقرار بعيدا عن الوالدين”.
وختمت المتحدثة تصريحها لجريدة هسبريس الإلكترونية بالإشارة إلى أن “كل مسؤول عن تدبير شؤون التلاميذ، خاصة القاطنين بالوسط القروي والمناطق النائية، مطالب بإيجاد الحلول الكفيلة بتمكين الأطفال من مواصلة الاستفادة من حقهم في التمدرس، سواء بالسلك الابتدائي أو بعد الانتقال إلى الثانويات الإعدادية والثانويات التأهيلية”.