في الفيمنيست الإسلامي.. في بيتنا سياسية
دخل عندها غاضبا ،أهلك القوم أهلك القوم، فأشارت اليه بان يحلق رأسه ،ثم يمضي ،فكان الامر وكان الاتباع ،انظروا من أوحى بفكرة لزوجة سيد الخلق ،في زمن قل فيه الاستشارة والاشراك للمراة في زمن الصحاري ،حيث الجواري، والقهر والالم، من علم هاته الزوجة ام المؤمنين ،بان تقدم منهجا في الاشراك وفي التدبير اليومي لدار النبوة، باعتبارها السلطة الزمنية والمكانية على الفعل الحضاري الإسلامي .
ونازلة القول أني كنت دائما افكر في السياسة كورش تفكيري ليس الا ، وأكره ان اورط في تكليف أو مهمة انتدابية ،تجعلك تهيم في الأرض وتنسى كينونتك، ولكن سرعان ما أصبحت امارس فعل السياسة بكل قوة ،من خلال التفكير والتأطير وإنتاج البرامج، الى ان مارست السياسة، بشكل عاطفي ،اشركت معي شريكة الحياة ،لأن فعل السياسة هو جزء من الحياة .
سأحدثكم عن تجربة صغيرة لمناضلة صادقة ، وهي بجانبي ،بما لها وماعليها ،كانت تتأسف للوضع النسائي ،والوضع بصفة عامة ،وكنت أحدثها على ان فعل التغيير ،هوسياسي في الأصل ،ورغم اني غير مقتنع بهذا المنحى ،الا انني أجد نفسي مضطرا في زمن اختلطت فيها الأوراق ،وأصبحت السياسة مجال لكل من هب ودب .
المرأة والسياسة امتحان عسير ، وجبل كلها منزلقات عظيمة ،ناهيك ان الذكورية المتوحشة لاتؤمن بحضور المرأة ،لكن خيرا فعلت المناصفة بقوانينها وآلياتها التنفيذية ،فاصبح من الضروري احترام الحصص والتقسيم ،والا فان المعادلة لاتستقيم.
واهم تحول تعرفه السياسية وهذا من منطلق التجربة ، انها تصبح تخاطب بلغة الجمع ،وهذه اللغة تعطي نفسا قويا وحقيقيا يجعل المتلقي ينصت ،بكل اهتمام ،كما ان عمل المرأة التدبيري اليومي ،أكثر حزما وقوة .
رغم ان من الصعب مواجهة الذكورية كفكرة والتي قد تكون العديد من النساء يمارسنها بشكل لا يعلمن ذلك، من خلال الصمت على الدفاع على الحقوق الأساسية ، وكذا الصمت على عدم الاعتراف بالمنجز من طرفهن ،وهذه الأمور تجعل من المرأة السياسية تنتفض في وجه هذا الاخطبوط المدمر لكينونة المرأة .
الفساد ذكوري المنشأ
في عالم السياسة فالفاسد هو ذاك الشخص الذي لايميز بين المصلحة العامة والمصالح الخاصة ،فهو تضارب مصالح، وفصامية السياسي ،تشكل بداية الفساد وانخراط في سلك الفاسدين ،ولذلك فالمرأة بصفة عامة اقل فسادا بطبيعة شخصيتها العاطفية والدقيقة ،فهي تميل الى الحلول السريعة ،ولذلك فقليل من النساء السياسيات اللواتي تورطن في الفساد، وقد أكون متحاملا على الذكورية في منحى الفساد ومدركاته في المجتمع ،ولكن قد تبقى هاته الفكرة نسبية وغير معمة ،على اعتبار ان الفساد ليست تهمة بقدر ما انه يصبح ممارسة فعلية في السياسة وفي غيرها من المناحي.
فالعملية الإصلاحية هي فعل مستمر باستمرار أدوات الفساد السياسي منها اوغيره، وحتى الأنظمة الشمولية في نظرتها للإصلاح فهي تعتبره نوع من المعاكسة والتهديد لأنظمتها، وتبقى عملية التغيير في المجتمع عملية فاعلة بفعالية المصلحين والحركات الإصلاحية .
ونصيب المرأة في الإصلاح كنصيبها في المجتمع ، حيث اذا اشركت في التغيير فهي فاعلة واذا تم اقصاءها فهي ضحية قد تثور على الفعل وقد تساق نحو الصمت والضعف.
ولذلك اقنعت نفسي بان أشارك في فعل السياسة عن طريق مشاهدة وتمحيص وتدقيق في طريقة التفكير للأنثى في فعل السياسة ، فلقيت انها تنافح بقوة خاصة اذا ماتدخلت أو علقت في أمر دون استشارة ،اما لفضول أو لحب المعرفة والغيرة على العمل الإصلاحي في نسق السياسة، ولذلك فهاته الانثى قد تتوحش اذا ماضيق عليها في فعل السياسة ،وقد تصبح بلا معنى اذا ما اقترن العمل على الإصلاح بتغييبها أو التضييق عليها.
ان الامة قد يصلح حالها اذا استطعنا ان نغير نظرة الانسان الى الحياة ، فهي نظرة مادية صرفة ،تحاكي المادية الاستهلاكية ،لتصنع لنا مواطنا يعيش على الصور النمطية لهاته الحياة .
والمرأة بدورها هي بحاجة الى التغيير، ولذلك يصبح فعل التغيير ، فعلا مجتمعيا، وفعلا مستمرا .
تقاوم المرأة لكي تتبث انها انسانة قادرة على العطاء ، كل من موقعه، تقدم وتقترح وتفكر وتعبر، حتى لو انتهت الديمقراطية وابتدأ العبث ،فانها تنافح لكي لاتخرب بيتها النسوي، انها مصرة على العطاء ،وتقديم الأفضل ،وتبقى نضاليتها هي المحدد لمصداقيتها ،وقربها من الجميع ،يجعلها صادقة وخدومة ،وبلغة بسيطة ،المرأة قادرة على ان تقدم للعالم أنموذجا حيا انها موجودة.
المناصفة اشراك وتشارك
قد يتفق الجميع على ان المرأة في السياسة دخلت من باب المناصفة ، ولكن هذا الامر ليس حقيقة كاملة ،فمشاركة المرأة في الحياة العامة بدأ ولكنه كان ينقصه الاعتراف ،وهنا ظهرت الدساتير والقوانين ،التي الزمت الذكورية في ان تنضبط لروح المناصفة.
فالمناصفة لاتعني الاقتسام القسري للحقوق والواجبات ،بل هي بصفة خاصة قدرة على التعامل بنوع من المسؤولية مع كل ما يحق للمرأة ان تكتسبه وتمارسه، انها سلطة نسائية في ممارسة الحق والالتزام بالواجب، انها الرضا التام بعد توزيع الأدوار بأن الحياة العامة شراكة مزدوجة ،وليست شركة اقتصادية أو مدنية ،كما يخيل للحداثة ،فالمناصفة تعبير على الاعتراف، والاشراك في التدبير ورغم اني اميل الى مفهوم الشق أي الانصاف ولكن مادامت المصطلحات أصبحت كثيرة وتضخمت بلا فعل ،فان الأصل هو قدرة الرجل على الالتزام بماهو مدون وموثق ومشرع.
ما جرى في 2021مؤشر على ان الاشراك للنساء في المشهد الانتخابي اصبح واقعا ، وهذا الاشراك جاء نتيجة سنوات من النضال السياسي لتكريس حقوق وحريات المرأة السياسية .
الآن في جميع المجالس الترابية ثلث أعضاءها نساء ، وفي اغلب المجالس حضور ثلث أعضاء مكاتبها نساء ،كما ان العديد من المدن تسيرها نساء قادرات على ترك بصمة اصلاح شديدة الأثر.
وهاته المدن تعد من كبريات المدن المغربية ، واجماع الجميع على وضع رئاسة المدن او عموديتها للنساء ،هو التزام بضرورة الاحترام لمبدأ المناصفة .
لقد تحول نضال النسوية من تثمين وضع المرأة والاعتراف بها ،الى المضي نحو مأسسة حقوقها ومنها المناصفة ،ولذلك الجميع لاحظ حضور المرأة في لوائح الترشيح ،ولكن مازالت بعض الصور والتعابير تؤثر على حرية المراة وعلى الحق ككل ،ورغم ذلك فان التجربة الجديدة في هذا المجال سيعطي للمرأة قوة في الاستمرارية وتعزيز مكانتها بما يخدم نضاليتها منذ سنين.