جميع الأخبار في مكان واحد

حصيلة 3 سنوات عجاف من الساعة الإضافية!

أسباب واهية

لعل “سبب نزول” الساعة الإضافية؛ كما تروج له الجهات الحكومية المسؤولة؛ يعود إلى اقتصاد الطاقة في تشغيل المرافق الإدارية وظروف تحركات الموظفين من وإلى مقرات عملهم، بيد أن هذا التعليل وحده يبدو غير كاف وغير منطقي، إذا لم تكن له مسوغات أخرى ذات صلة بأطراف خارجية؛ تربطها بالمغرب شراكات اقتصادية هامة.

وقد وقفت العديد من الجهات والأطراف من مكونات المجتمع المدني محتجة تارة ومنتقدة أخرى بهذا القرار الذي رأت فيه مسا بحركية المجتمع المغربي وبظروف التعلم لدى ناشئته، فضلا عن اضطرابات في مواقيت وظروف عمله.

وحتى الآن، على ما يبدو ومنذ سنة 2018، بدء سريان قرار الساعة الإضافية، لم تجشم الحكومة السابقة ولا الحالية نفسها عناء تقديم دراسة شافية لتجربة “الساعة الإضافية” وآثارها السلبية والإيجابية على أنشطة المواطنين، والقيمة المضافة من وراء إقرارها، وهل فعلا لديها مخرجات إيجابية عامة في فحص طبيعة الإنتاجية والأداء لدى المواطنين، بمن فيهم تلامذة التعليم الأساسي؟

بيد أن الحياة اليومية للمواطنين؛ في ظل هذا الظرف الزمني (+1سا) ترتبت عنها تداعيات كثيرة، يمكن إجمالها في المؤشرات التالية:

-حركة المرور: تشهد ازدحاما منقطع النظير إلى درجة الاختناق أحيانا والذي لا يخلو من حوادث، لا سيما في الفترات الصباحية (8-9(؛

– المرافق الإدارية: في عمومها لا يلجها المسؤولون الكبار إلا في ساعة متأخرة (9.30-10)، مما يفرض على المواطن المرتفق ساعة أو أكثر من الانتظار؛

– فترة الظهيرة: جل الموظفين والمستخدمين الإداريين يغادرون مقرات عملهم باكرا، بذريعة تحاشي ذروة الازدحام الطرقي، بل إن بعضهم لا يعود بعد فترة الغذاء؛

– ظروف التمدرس: تؤكد الملاحظات الإمبريقية (العلمية) أن معظم الأطفال المتمدرسين لا يتناولون وجبات الإفطار، مما يؤثر على أدائهم المدرسي وتعريضهم لغفوات خلال الحصص الدراسية، فضلا عن غياب التركيز الذهني لديهم؛

– فصل الشتاء: تقفر فيه الشوارع خلال عملية الذهاب المدرسي، ومغادرة المنازل مبكرا تحت جنح الظلام، مما يعرض التلاميذ والفتيات منهم خاصة إلى حوادث عنف واغتصاب؛

– تأخرات وغيابات: هي السمة الرئيسة في سجلات حضور التلاميذ؛ تأخرات تصل إلى ساعة أو غيابات في صفوف تلاميذ الأقسام الصغرى؛

– أمراض وإصابات الأطفال: جراء الاستيقاظ المبكر وعزوفهم عن تناول وجبات الفطور، يخلف إصابات وأمراضا في صفوف هذه الشريحة المدرسية، وتكون لها عواقب وخيمة سيما في فصل الشتاء؛

– غياب الأبوين أو أحدهما: خلف هذا التوقيت (+1س) غياب شبه تام لأحد الأبوين، خلال فترة الغذاء، وتغيب معها إمكانيات تغذية الأطفال الصغار وتفقد حاجياتهم عن قرب؛

– الإدارة بعد الظهيرة: شبه فارغة من المسؤولين المكلفين بوضع التأشيرة، أو المصادقة على الوثائق الإدارية، مما يعطل مصالح المواطنين إلى حين؛

– كورونا والساعات الإضافية: وجدتها عينة من الموظفين والمستخدمين الإداريين فرصة للتملص من مسؤولياتهم، في ضوء التدابير الاحترازية التي فرضتها جائحة كورونا، تجبر المواطنين المرتفقين على انتظار “دورهم” للولوج إلى المرافق الإدارية؛ قد يمتد إلى ثلاثة أيام أو أكثر.

هل هناك “اقتصاد” في الطاقة؟

كانت وما زالت الإدارة المغربية؛ ومن أعلى المستويات؛ تتعلل من وراء “فرض الساعة الإضافية” بالاقتصاد في استهلاك الطاقة، ومعلوم أن المغاربة قاطبة ما زالوا حتى الآن خاضعين؛ في تناول وجباتهم الغذائية إلى الساعة المعتادة، ويمتد بهم السهر أحيانا إلى منتصف الليل (حسب الساعة الإضافية)، أي الحادية عشرة ليلا، في وقت هم مجبرون -على أساسه- على الاستيقاظ باكرا هم وأبناؤهم. هذه الظرفية وغيرها تؤشر؛ مما لا يدع مجالا للشك؛ على أن ليس هناك اقتصاد في الطاقة الاستهلاكية، كما تزعم الحكومة، وبدلها، هناك اضطرابات نفسية وسوسيواقتصادية تعم حياة المغاربة وتلقي بظلالها على أدائهم المهني وأداء أبنائهم الدراسي، فهلا راجعت الحكومة مغبة “ساعتها الإضافية” وأعادت عقارب الساعة إلى سالف عهدها؟!

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.