حركة “معا” تدعو لمحاربة اقتصاد الريع بتوسيع الوعاء الضريبي على المنتفعين منه
في تقديمها لقراءة حول مشروع قانون المالية لسنة 2022، تساءلت حركة “معا”، عن الجدوى الاقتصادية وتأثيرها على مستوى النمو الاقتصادي، وحول إمكانية تنزيلها مع مستوى نمو متوقع يصل إلى 3.2% والذي بالكاد سيعيد الاقتصاد الوطني إلى مستوى سنة 2019 ما قبل الجائحة.
وذكرت الحركة مجموعة من المقترحات التي سبق تقديمها والتي “لم تنل الاهتمام من المسؤولين الحكوميين ومهندسي السياسة الضريبية، منها إعادة توزيع معدلات الضريبة على الدخل لملاءمة قيمة الضريبة مع فئات الدخل، وتنزيل مبدأ العدالة الضريبية الأفقية”.
واعتبرت أن “الهدف من هذه العملية هو توسيع فئة المداخيل المعفاة إلى 50 ألف درهما سنويا (تخضع هذه الفئة حاليا لمعدل ضريبة 10%)، وتوسيع الوعاء الضريبي ليشمل فئات من المنتفعين من الاقتصاد الريعي كشكل أولي لمحاربته، في أفق القضاء عليه بشكل نهائي”.
كما ربطت الحركة قراءتها لمشروع قانون المالية مع البرامج الانتخابية للأحزاب المشكلة للأغلبية التي تحدثت عن نمو مستديم وقوي، وعن شروط الإقلاع الاقتصادي التي رهنها تقرير النموذج التنموي الجديد بنمو يصل 6%، وتخطي فخ النمو المتوسط الذي يكبل الاقتصاد الوطني والذي لم يتجاوز معدل 3.5% خلال العشرية الأخيرة.
فعلى مستوى الاستثمار العمومي، طرحت الحركة إشكالا بنيويا للاقتصاد المغربي والمرتبط بمستويات الاستثمار والنمو المترتب عنه، حيث يتعدى معدل الاستثمار بالنسبة للناتج الداخلي الخام 30%، بنسب نمو متوسط لا تتعدى 3.5%، بينما تأثيره في بلدان أخرى صاعدة كتركيا والفيتنام والتيلاند وماليزيا وغيرهم، يتعدى 5.5% إلى 6% كنسب نمو سنوية، رغم أن معدلات الاستثمار فيها لا تتعدى 25%.
في المقابل، رصدت الحركة أن الجهد الاستثماري مركز في القطاع العام بنسبة تتعدى 60%، مع ما يصاحب ذلك من إشكالات مرتبطة بالأثر الاقتصادي وتوفير بيئة مساعدة على استشراء الفساد وصعوبة آليات المراقبة وعدم تنزيل المشاريع (نسبة إنجاز ميزانية الاستثمار العمومي لا تتعدى 75%). هذه النسبة (60%) تقول الحركة، “تبقى جد مرتفعة بالمقارنة مع معدل 15% المسجل في الدول السابق ذكرها”.
وفي الشق المتعلق بفرص الشغل، قالت حركة “معا”، إن مشروع المالية الجديد، يقدم “رقم 125 ألف منصب شغل سيتم خلقه خلال السنة القادمة، وهو رقم يطرح تساؤلين مهمين، وفق الحركة، أولهما “كيف يمكن خلق هذا الرقم بنسبة النمو المعلنة أي أن كل نقطة نمو تخلق أزيد من 39 ألف منصب شغل، علما أن المعدل الحالي لا يتعدى 25 ألف منصب شغل لكل نقطة نمو؟ ثم كيف يمكن تحقيق رقم مليون منصب شغل الذي أعلن عنه في البرنامج الحكومي خلال 5 سنوات أي بمعدل 200 ألف منصب، الذي يفوق الرقم المعلن عنه ب 75 ألف منصب، وذلك رغم الجهد الاستثماري الاستثنائي غير المسبوق خلال هذه السنة؟”.
بالإضافة إلى الأرقام المعلنة، تتابع حركة “معا” أن “استمرار الحكومة في سياسية التوظيف الجهوي دونما تأطير قانوني مناسب بخلق 17 ألف منصب في قطاع التعليم، يتم تمويلها من نفقات المعدات، مما يتناقض مع البرامج الانتخابية للأحزاب السياسية، ويؤجل الحسم في ملف يتخذ شكل كرة ثلج تتضخم في قطاع حيوي يخوض رهان الإصلاح بتنزيل مضامين القانون الإطار لمنظومة التربية والتكوين”.
وفي الجزء المتعلق بالسياسة الجبائية، أوردت الحركة، أن “نص المشروع جاء بإجراءات ضريبية جديدة سترفع مستوى المداخيل الضريبية من 201 مليار درهم برسم 2021 إلى 231 مليار درهم برسم سنة 2022، وتمثل الضرائب غير المباشرة نسبة 42.8%، وهو مؤشر غير سليم لتقييم مبدأ العدالة الضريبية”.
وأضافت “أن المشروع نص على إجراءات تثير الكثير من التساؤلات حول جدواها الاقتصادية وتأثيرها على نسبة تغطية المداخيل الضريبية للمصاريف العامة التي لا تتعدى 65%، من قبيل فرض ضريبة الاستهلاك الداخلية على التجهيزات المنزلية من فئة استهلاك الطاقة B فما تحت، والتي لا نعلم حجمها السنوي ولا قيمة المبيعات المرتبطة بها، علما أن هذه النوعية من الأدوات المنزلية تستهدف الطبقة الاجتماعية الهشة والفقيرة لانخفاض أثمنتها مقارنة مع الفئة ألف A”.
وبخصوص الضريبة على الشركات، قالت الحركة بأن الحكومة “تخلت عن قرار التضريب التصاعدي لصالح التضريب التناسبي مما نعتبره في حركة معا قرارا مجحفا ويشجع على التهرب الضريبي، ويكبح تطور بنية الشركات من مقاولات متوسطة الحجم إلى مقاولات كبرى. في المقابل، لا نجد في نص المشروع إجراءات فعالة لتوسيع قاعدة الخاضعين للضريبة على الدخل في أفق إدماج القطاع غير المهيكل”.
كما اقترحت الحركة، إدخال مفهوم “المنزل الضريبي” في النظام الضريبي المغربي، مع الأخذ بعين الاعتبار عدد الأطفال (إضافة للأصول المكفولين من أبنائهم) في احتساب الضريبة على الدخل.
وفيما يتعلق بالضريبة على القيمة المضافة، شددت الحركة على ضرورة “ضمان الحياد المطلق للضريبة على القيمة المضافة انسجاما مع المبدأ المؤسس لها. كخطوة أولية، تحديد معدلات الضريبة في النسب التالية %0، %10 و %20. ثم الانتقال فيما بعد لتطبيق معدلين: %0 للمنتوجات الأساسية، ومعدل يتراوح بين %15 و%20 لباقي المنتوجات”.
كما اقترحت “إلغاء الضريبة على الاستثمارات (معدل 0%) من أجل تحفيز مقاولات القطاع الخاص على تجديد تجهيزاتها الإنتاجية. وتعميم الاستفادة من الحق في استرجاع الدين من الضريبة على القيمة المضافة”.
إلى جانب ذلك، اقترحت إطلاق دراسة لتقييم تأثير وضع نظام ضريبي فلاحي، وخصوصا العناصر المتعلقة بالضريبة على القيمة المضافة الفلاحية (خلق توازن بين مدخلات ومخرجات القطاع)، وإشراك الضريبة على القيمة المضافة في المجهود الوطني للتضامن، من خلال تخصيص جزء من مداخيلها في تمويل التغطية الاجتماعية”.
وإذا كانت منظومة التغطية الاجتماعية الحالية تعتمد بشكل كلي في تمويلها على اقتطاعات المشغلين والأجراء، تقول الحركة “فإن كل اقتطاع إضافي من شأنه أن يرفع كلفة التشغيل وبالتالي التأثير السلبي على تنافسية المقاولات”، مضيفة “أن عملية التمويل لا تعني المساس بمبدأ حياد الضريبة على القيمة المضاف” .
أما في يتعلق بالضريبة على الشركات، اقترحت حركة معا، “تطبيق نفس معدلات الضريبة على ضريبتي الدخل والشركات تطبيقا لمبدأ تساوي الضريبة المؤداة على المداخيل المتساوية مهما كانت مصادرها. وإدخال مفهوم المجموعات الاقتصادية في النظام الجبائي المغربي، وإعفاء العمليات داخل المجموعة التي تتم دون تدفقات نقدية، مع إمكانية اعتماد مفهوم التكامل الضريبي للمجموعات المصنفة شركات ذات إشهاد بسلامة تعاملاتها الضريبية مع إدارة الضرائب”.
كما اقترحت “إلغاء الحد الأدنى للمساهمة والتي تؤدى حتى في حالة الخسارة، بما أنها خرق لمبدأ ربط الضريبة بخلق الثروة. مع مراجعة شاملة للإعفاءات الضريبية ودراسة مدى تأثيرها الإيجابي على خلق فرص الشغل، وربطها بالاستثمار في البحث العلمي والتجديد للرفع من تنافسية الاقتصاد المغربي ودعم القطاعات ذات القيمة المضافة العالية”.
كما أشارت إلى ضرورة “تصحيح نواقص الضريبة المحلية لتجاوز التعقيدات والصعوبات المرصودة في تشريعاتها، من خلال إقرار نظام خاص جديد يمكن من جعل الضريبة المحلية رافعة حقيقية للتنمية الجهوية”.
ثم اقترحت كذلك “تعديل الإطار القانوني للضرائب المحلية (قانون رقم 47-06) من أجل تجميع الضرائب المحلية والوطنية. وإلغاء مجموعة من الضرائب ذات الأثر المحدود في تمويل الجماعات المحلية، واستبدالها بضريبتين ترتبط الأولى بالسكن، والثانية بالأنشطة الاقتصادية”.
كذلك اقترحت حركة معا، “إلغاء “الضريبة المهنية” المحتسبة على الاستثمارات، وتعويضها بـ “مساهمة على القيمة المضافة الترابية”. إن تتشكل الضريبة الجديدة من رسوم/مساهمة محتسبة على أساس عقارات المقاولات، ومن رسوم/مساهمة على أساس القيمة المضافة المنتَجة (مع ضرورة تحديد عتبة دنيا)”.
وأخيرا دعت إلى “نشر بيانات حسابات للجماعات المحلية، مع ضرورة اللجوء المنتظم للمدققين المحساباتيين للتصديق على التقارير، لأن إعادة هيكلة الضرائب المحلية مرتبط بتحسين حكامة الجماعات الترابية”.