الأشعري: بنبركة قائد وطني فذ .. و”غصّة في حلق” مدبّري الاغتيال
في كلّ مرة، يعود اسم المناضل الوطني اليساري المهدي بنبركة، الذي اختطف عام 1965 في باريس، إلى واجهة النّقاش العمومي، إذ يرتبط اسمه في الغالب بمذكرات تاريخية ووثائق استخباراتية تحاول فكّ لغز اختطافه أو تسلّط الضوء على نضالاته القومية.
وكشفت وثائق تعود إلى زمن الحرب الباردة، نقلتها جريدة “غارديان” البريطانية، أن القيادي اليساري المعارض المهدي بنبركة، الذي اغتيل سنة 1965، “كان جاسوسا”.
وأثارت هذه المذكرات جدلا واسعا في الأوساط المغربية المهتمة بالتاريخ السياسي للمملكة، بيد أن أطيافا واسعة من النخبة المثقفة رفضت المساس بذاكرة المهدي الذي يعد “من أبرز المعارضين والمناهضين للفكر الإمبريالي التوسعي”.
وذكرت “غارديان” أن وثائق تشيكوسلوفاكية من فترة الحرب الباردة تسائل “استقلالية” بنبركة، وكونه جاسوسا، إذ لم يكن قريبا فقط من الأجهزة السرية التشيكوسلوفاكية، بل حصل على تمويلات معتبرة منها، ماديا ونوعيا.
كما ذكرت “غارديان” أنه بحلول شتنبر 1961 كان بنبركة حصل على 1000 فرنك فرنسي من المخابرات التشيكوسلوفاكية مقابل تقارير عن المغرب، ثم وفرت له رحلة مدفوعة التكاليف إلى جنوب إفريقيا لجمع معلومات حول الأنشطة الأمريكية بغينيا الاستوائية، وهي عملية “اعتبرت ناجحة”.
ويقول الوزير السّابق والقيادي في الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية محمد الأشعري إن “الوثائق التّاريخية والمذكرات المنشورة حول المهدي بنبركة تحوم حولها علامات استفهام كبيرة، بما فيها وثائق المخابرات التشيكية، التي رفعت عنها السّرية مؤخرا”.
واعتبر القيادي اليساري، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “الذين تسلّموا الوثائق الاستخباراتية حول بنبركة ليسوا فريقا بحثيا تاريخيا من جامعة مشهود لها بالحياد، بل الأمر يتعلق بأناس قاموا بنشر المعطيات على مواقع التواصل الاجتماعي، وبث فكرة جاسوسية المهدي”.
وعبّر الأشعري عن استغرابه المعلومات المعتمدة، موردا: “يظهر أنها مجرد نفخ في أمور غير واقعية”، ومبرزا أن “الدكتور الذي قام بتجميع المعلومات الاستخباراتية غير معروف، ولم يسبق أن أنتج عملا أكاديميا خالصا”.
وتابع المتحدث ذاته: “يريدون المس بذاكرة المهدي بنبركة، المناضل الفذ والوطني الذي طبع نضالات العالم الثالث بقوة”، مشددا على أن “قتلة المهدي مجرمون يريدون إلصاق تهمة التخابر والتجسس بقائد وطني داخل جهاز استخباراتي صغير”.
كما أورد الأشعري أنها ليست المرة الأولى التي تنقل فيها معطيات مزيفة حول المهدي بنبركة، وزاد: “المهدي كان غصة في حلق مدبري جريمة الاختطاف، الأمر يتعلق بمناضل عذّب واختطف ولا نعرف أين جثّته”، متابعا: “العار على كل من شارك في تدبير هذه العملية وهذه الجريمة”.
وختم القيادي اليساري بالقول: “يريدون التنقيص من المهدي بمثل هذه الأساليب.. هي محاولة للتنقيص من شخصية المهدي الذي يظل ملكا للتاريخ، وقابلا للبحث والدراسة، لكن بموضوعية وحياد وتجرد”.