بحث يرصد استفحال الهدر المدرسي في صفوف الإناث بقرى الجنوب
كشف بحث اجتماعي ميداني أنجزته مؤسسة “إيطو لإيواء الأشخاص في وضعية صعبة” بشراكة مع وحدة الأمم المتحدة من أجل المساواة بين الجنسين، استمرار ارتفاع الهدر المدرسي في صفوف الإناث، وبدرجة أقل في صفوف الذكور، في المناطق القروية جنوب المملكة.
تأنيث الهدر المدرسي
وسجل البحث الذي أجري بأقاليم طاطا وكلميم وسيدي إفني، وامتد إنجازه من دجنبر 2020 إلى دجنبر 2021، أن نسبة التمدرس في صفوف الذين شملهم، وعددهم 4503 أشخاص، تصل إلى 57 في المئة لدى الإناث، و47 في المئة لدى الذكور.
وانطلاقا من قراءة المعطيات الواردة في التقرير، يلاحظ أنه بقدر ما يتقدم المتمدرسون في المستوى الدراسي يرتفع الانقطاع عن الدراسة في صفوفهم، بحيث تصل نسبة التسرب المدرسي لدى الذكور إلى 38 في المئة، وعند الإناث إلى 62 في المئة.
هذا المعطى تؤكده النتائج التي توصل إليها معدو البحث الميداني؛ ذلك أن من أصل 4503 أشخاص الذين شملهم البحث، 36 في المئة منهم لديهم مستوى الابتدائي، و11 في المئة لديهم مستوى الإعدادي، وتنخفض نسبة ذوي مستوى الثانوي التأهيلي إلى 4 في المئة فقط، بينما لا تتعدى نسبة الذين وصلوا إلى التعليم الجامعي 3 في المئة.
وأشار المصدر نفسه إلى أن هذه الوضعية تجعل معدل الأمية في هذه المناطق يصل إلى 43 في المئة في صفوف الذكور، و57 في المئة لدى الإناث، وهو ما يتجاوز بكثير المعدل العام للأمية في المغرب الذي يبلغ 32 في المئة، بحسب آخر إحصاء عام للسكان والسكنى عام 2014.
ونبه البحث إلى أن ظاهرة الهدر المدرسي “لا تزال تهيمن على المشهد التعليمي في العالم القروي، خاصة في المناطق النائية التي تعاني من العزلة والتهميش”، غير أنه سجّل وجود “رغبة جامحة لدى النساء والفتيات للتعلم رغم كل هذا التهميش”.
ووفق المعطيات الواردة في البحث، فإن 93 في المئة من النساء عبرن عن رغبة ملحة في الاستفادة من التعليم بغض النظر عن سنّهن، ولم تتعد نسبة النساء اللواتي لم يعبرن عن رغبتهن في التعلم 7 في المئة.
واعتبر التقرير أن موقف النساء اللواتي لم يعبرن عن رغبة ملحة في التعلم لا يعكس انعدام الرغبة لديهن في التعلم، “بل لأنه لا توجد فرص جدية، من بنيات قادرة على التشجيع، وعدم وجود جدية في التعامل مع برامج محاربة الأمية والهدر المدرسي”.
بنية تحتية متردّية
على صعيد آخر، رصد البحث ما سماه “ترديا ملحوظا” على مستوى البنيات التحتية في أقالم طاطا وكلميم وسيدي إفني؛ فعلاوة على سوء الوضع في مجال التعليم، فإن ما يتعلق بالبنيات التحتية الأخرى “لا يقل كارثية”.
وبالأرقام، سجل البحث أن 4 في المئة فقط من الدواوير تتوفر على قنوات للصرف الصحي، بينما 96 في المئة من الدواوير لا وجود لهذه القنوات بها.
وكنتيجة لذلك، يضيف البحث، فإن غياب قنوات الصرف الصحي ينتج عنه “التلوث الملحوظ الذي له تبعات خطيرة على مستوى مياه الأنهار، والحقول، والوضع الصحي للساكنة”.
وبخصوص التزويد بالماء الصالح للشرب، خلص البحث إلى أن 18 في المئة فقط من الدواوير تم تزويدها بهذه المادة الحيوية، مشيرا إلى أن عدم استفادة 82 في المئة من الدواوير بالماء الشروب له تأثير على أوضاع النساء والفتيات، “لأنهن الوحيدات اللواتي تلقى على عاتقهن مهمة البحث عن الماء لكي تستفيد منه باقي مكونات الأسرة وقطعان الماشية.
تزويج القاصرات
وبخصوص موقف النساء اللواتي شملهن البحث من تزويج القاصرات، أعلنت 97 في المئة منهن “رفضهن رفضا باتا تزويج البنات أقل من 18 سنة، بل وركزن على حقهن في التعليم والتكوين وبناء مستقبلهن”.
وعبرت نسبة 3 في المئة من النساء عن عدم رفضهن تزويج البنات أقل من 18 عشر سنة، وأرجعن ذلك إلى عدم توفر البنيات الضرورية لضمان تعليم حقيقي ونوعي للبنات.
وأوصى البحث بـ”ضرورة التنصيص على منع كلي لتزويج القاصرات واعتباره عنفا جنسيا جسديا ونفسيا، بواسطة نصوص زجرية، لكي يتأتى ردع كل الأطراف التي تساهم في تفشيه”.
كما أوصى بـ”خلق شروط ضرورية وأساسية لتوفير تعليم نوعي، سواء في مضمونه أو الوسائل والبنيات التحتية ووسائل النقل ودور الطلبة، وداخليات، مع رصد الميزانية اللازمة لتدبيرها، وذلك لتشجيع الفتيات والطفلات على التمدرس ووضع حد لكل أسباب التحايل من أجل إرغامهن على ترك التعليم وتزويجهن”.
وفيما يتعلق بالتمكين الاقتصادي للنساء ومحاربة الفقر في أوساطهن، أوصى البحث بتخصيص الميزانيات الكافية لإنشاء المشاريع الخاصة بالنساء، بما “يضمن لهن الاستقلال والقوة لكي يكون لديهن دور في حماية بناتهن وأطفالهن من كل أنواع العنف الاجتماعي والقانوني”.