جميع الأخبار في مكان واحد

التفاصيل الكاملة لقرار محكمة النقض بشأن المواطن الصيني ييدرس أيشان

في دجنبر الماضي، أصدرت محكمة النقض المغربية قرارا يقضي بالموافقة على طلب تسليم المواطن الصيني ييدرس أيشان إلى السلطات الصينية بناءً على طلب تقدمت به.

وكانت السلطات المغربية قد أوقفت المعني بالأمر بتاريخ 20 يوليوز من سنة 2021 بمقتضى أمر دولي صادر عن السلطات الصينية، وطلبت هذه الأخيرة تسليمه بموجب اتفاقية تسليم المجرمين الموقعة بين البلدين سنة 2016.

وأثار قرار محكمة النقض المغربية ردود فعل كثيرة؛ إذ طالبت مجموعة من الجمعيات الحقوقية بعدم تسليم المعني بدعوى أنه ينتمي إلى أقلية الإيغور المسلمة، كما تدخل المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وهو مؤسسة رسمية، في هذا الموضوع طالبا عدم تسليمه.

وتفيد المعطيات الواردة في قرار محكمة النقض بأن المطلوب تسليمه كان مبحوثاً عنه بمقتضى مذكرة البحث الدولية بإلقاء القبض عليه عدد A2236-2017-3 الصادرة عن السلطات الصينية من أجل الالتحاق بتنظيمات إرهابية.

وحين تم إيقاف المعني بالأمر من طرف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، أحيل على وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية الزجرية بالدار البيضاء، وصرح عند الاستماع إليه بأنه متهم بسبب ديانته الإسلامية، وبأنه في حالة تسليمه إلى الصين سيتم إعدامه، وجرى إيداعه المركب السجني تيفلت 2.

موضوع التسليم

طلبت الصين تسليم هذا المواطن من “أجل التورط في جرائم تنظيم وقيادة والانخراط في المنظمات الإرهابية وترويج الإرهاب والتطرف والتحريض على تنفيذ الأعمال الإرهابية”.

وتفيد المعطيات التي كشفت عنها محكمة النقض بأن “مكتب الأمن العام بولاية باين قوه لنغ بمنطقة شينجيانغ الويغورية في الصين تلقى في شتنبر من سنة 2013 بلاغات من الجمهور تفيد بأن شبكة على الأنترنيت باسم siddiqlar تقوم بنشر المعلومات المتعلقة بالعنف والإرهاب بشكل سافر”.

وقام مكتب الأمن العام سالف الذكر بالتحقق فور تلقي البلاغات ووجد أن اسم الشبكة يعني “الموالون” باللغة الويغورية، وذكر أنها تقوم بتحريض الإرهابيين والمتطرفين على ارتكاب جرائم العنف الإرهابي.

وجاء في قرار محكمة النقض أن “المواطن الصيني المطلوب تأثر خلال دراسته بفرع جامعة الصين للبترول بأفكار التطرف الديني والإرهاب العنيف، ونشر تصريحات إرهابية ومتطرفة مثل (تصفية الكفار) و(شهداء الجهاديين في الجنة)”.

وأبرزت المعلومات المتضمنة في القرار أن “المواطن الصيني انضم سنة 2012 إلى منظمة (حركة تركستان الشرقية الإسلامية) وأرسل إلى تركيا من قبل منظمة إرهابية من أجل الانخراط في الفضاء السيبراني لأغراض الدعاية، وعمل كمدير لموقع (الموالون) التابع للحركة”.

وذكر القرار أن “المواطن الصيني كان مسؤولاً على نشر مقاطع صوتية ومرئية عنيفة وإرهابية أنتجتها المنظمة المذكورة على موقع (الموالون)، وقام بنشر أفكار التطرف الديني والإرهاب والتحريض على الهجمات الإرهابية ضد الصين، وقام بتعليم تكنولوجيا التفجير ودروس استخدام الأسلحة”.

دفاع المواطن الصيني

في ملتمسه الكتابي، أشار دفاع المواطن الصيني إلى أنه “كان يدافع عن قضية الويغور الذين كانوا مضطهدين من طرف السلطات الصينية، وأنه تم إلغاء النشرة الحمراء من طرف الإنتربول في حقه”.

واعتبر الدفاع أن تسليم موكله للسلطات الصينية، “مخالف لحقوق الإنسان”، وأن “طلب تسليمه ليست له صبغة قانونية لأنه غير صادر عن السلطة القضائية في الصين، بل عن الشرطة الصينية. كما أن ييدرس أيشان طلب اللجوء السياسي بالمغرب والتمس عدم تسليمه إلى سلطات بلاده”.

وأوضح الدفاع أن موكله “لن يحاكم محاكمة عادلة لأنه مناضل حقوقي عن شعب الويغور المسلم”، وأن “السلطات الصينية أنشأت مراكز لاعتقالهم وتعذيبهم”، وأن “طلب تسليمه له صبغة سياسية”.

رد محكمة النقض

أوضحت محكمة النقض ردا على الدفوع التي قدمها محامي المواطن الصيني، أن “طلب التسليم موضوع هذه القضية قد تم من طرف وكالة الأمن السيبراني بوزارة الأمن العام بالصين”، وأشارت إلى أن “اتفاقية تسليم المجرمين بين البلدين تبين أن طلب التسليم يتضمن الجهة المختصة في إصداره، ولدى الصين الصلاحية في تحديد الجهة التي لها صفة تحرير طلب التسليم، سواء كانت الشرطة الصينية أو السلطات القضائية الصينية”.

وفيما يخص كون طلب التسليم له صبغة سياسية ومبني على العنصرية والدين وماس بحقوق الإنسان، أشارت محكمة النقض إلى أن “الاتفاقية المذكورة تنص على أن أسباب الرفض الإلزامي للتسليم من بينها إذا كانت الجريمة سياسية، وجرى استثناء أي جريمة تتعلق بالإرهاب، واعتبرتها أنها لا تعد من قبيل الجرائم السياسية”.

وأوضح قرار محكمة النقض أن “الأفعال التي طلب من أجلها تسليم المواطن الصيني يتبين أنها تتعلق بجرائم إرهابية وليست لها طبيعة سياسية، ولذلك اعتبرت أن دفع هيئة الدفاع على غير أساس”.

أما عن الدفع المتعلق بكون المطلوب سيتعرض للتعذيب والمحاكمة غير العادلة، فقالت محكمة النقض إن “المواطن الصيني لم يدل بأي أسباب جدية تفيد بالجزم واليقين بأن طلب التسليم الموجه ضده مبني على اعتبارات عرقية أو دينية أو آرائه السياسية”.

وأوردت محكمة النقض أنها “لم يثبت لها بأن المطلوب سيحاكم في إطار اعتبارات خارجة عن التهم موضوع التسليم، ولذلك اعتبرت أن ما أثير من طرف ودفاعه “مجرد ادعاءات لا سند لها”.

قرار محكمة النقض

خلصت المحكمة إلى أن “الأفعال المرتكبة من طرف المطلوب تسليمه معاقب عليها بموجب القانون الجنائي المغربي، وتشكل جرائم الاعتداء عمداً على حياة الأشخاص أو على سلامتهم أو حرياتهم وتكوين عصابة أو اتفاق لأجل إعداد أو ارتكاب فعل من أفعال الإرهاب في إطار مشروع جماعي يهدف إلى المس الخطير بالنظام العام بواسطة الترهيب والعنف والالتحاق بتنظيمات إرهابية طبقاً للفصلين 218-1 و218-1-1 من القانون الجنائي”.

وأشارت المحكمة إلى أن “هذه الجرائم المطلوب من أجلها التسليم ليست لها طبيعة سياسية ولا تتعلق بإخلالات عسكرية ولم تسقط بمضي مدة التقادم، على اعتبار أن تاريخ ارتكابها هو شتنبر 2013”.

من أجل كل ما سلف، اعتبرت المحكمة أن “طلب التسليم مستوف لكافة الشروط المتعلقة بمقتضى اتفاقية التسليم المبرمة بين المغرب والصين، ولذلك صرحت بإبداء الرأي بالموافقة على تسليمه إلى السلطات الصينية الطالبة له”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.