اللقاح وحالات الموت .. هكذا زرعت الإشاعة الرعب في قلوب المقبلين على التطعيم ضد كورونا
تعج مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، بأخبار ومقالات غير موثوقة، إضافة إلى مقابلات بالفيديو مع أشخاص يقدمون أنفسهم كأقارب لضحايا مفترضين للجرعة الثالثة من اللقاح، بل إن هناك من يدعي وجود وفيات مفترضة بسبب تلقيها اللقاحات المضادة لفيروس “كورونا”، بالرغم من وجود إجماع علمي على أن هذه اللقاحات كلها آمنة وليس لها أي آثار جانبية تصل إلى درجة خطورة الوفاة.
بعد أسبوعين فقط من انطلاق الحملة الوطنية للتلقيح بالمغرب، انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، شهر فبراير 2020، خبر يزعم مروجوه، أن مسنين توفيا بجهة فاس مكناس، بعد تلقيهما الجرعة من الأولى من اللقاح ضد “كورونا”.
هذا الخبر الذي انتشر كالنار في الهشيم وبدأ المواطنون يشاركونه دون التأكد من صحته، قالت عنه المديرية الجهوية للصحة بمكناس في بلاغ لها، إنه خبر عار من الصحة، مؤكدة أن “المستفيدين من اللقاح على اختلاف فئاتهم يتمتعون بصحة جيدة”.
وأكدت أن “أطر نظام اليقظة اللقاحية يواكبون عملية التلقيح ولم يسجلوا أي أعراض مقلقة باستثناء بعض الأعراض الجانبية الطفيفة كإحمرار أو طفح جلدي أو حمى خفيفة”، مضيفة أنه “على غرار جميع الأدوية والمنتجات الصحية، يمكن أن يسبب لقاح فيروس كورونا أثارا جانبية خفيفة لدى بعض الأشخاص”.
وبالرغم من نفي المديرية الجهوية لوزارة الصحة لهذا الخبر، استمر البعض في مشاركته على المواقع التواصل الاجتماعي، بحثا عن “البوز” وبعض “الجيمات”، دون الانتباه إلى أن مثل هذه الأخبار، قد تضلل المواطنين وتنفرهم من التلقيح الذي يؤكد العلماء أنه آمن وهو الحل الوحيد لحد الآن للقضاء على الفيروس.
نفس الشيء وقع، بمراكش، حيث انتشر بتاريخ 27 يوليوز 2021، خبر وفاة شابة تبلغ من العمر 33 سنة بعد تلقيها جرعة من لقاح “جونسون آند جونسون”. وقالت المديرة الجهوية لوزارة الصحة في جهة مراكش آسفي، لمياء شاكيري، في تصريح إذاعي، إنه لا يمكن الحديث عن علاقة سببية بين حالة وفاة الشابة وتلقيها لجرعة من اللقاح.
في السياق ذاته، قالت رشيدة السليماني، مديرة المركز المغربي لمحاربة التسمم واليقظة الدوائية، خلال ندوة صحافية لأعضاء اللجنة العلمية، نونبر الماضي، إنه “من بين التبليغات التي تم التوصل بها بشأن وفيات عقب تلقي اللقاح وخضعت لبحث معمق ثلاث حالات خضعت لتشريح عضلي، وكشفت التحريات أن الموت لا علاقة له باللقاح”.
خبر آخر، زعم مروجوه على “فيسبوك”، و”واتساب”، أن طالبة قد توفيت شهر أكتوبر 2021، بمستشفى الاختصاصات بالرباط، بعد تلقيها جرعة من لقاح “فايزر”، وبالرغم من أن إدارة المركز الاستشفائي الجامعي ابن سينا نفت بشكل قاطع هذه الادعاءات المغرضة، إلا أن هذه الأخبار المضللة استمرت في الانتشار بشكل واسع.
وقالت إدارة إدارة المركز الاستشفائي، في بلاغ لها، إنه “على إثر تداول أخبار ومعلومات مغلوطة بخصوص تسجيل حالة وفاة الطالبة المسماة قيد حياتها (ط ف) بمستشفى الاختصاصات بالرباط، بعد أخذها جرعة اللقاح المضاد لفيروس كورونا المستجد، فإن إدارة المركز الاستشفائي تنفي نفيا قاطعا هذه الادعاءات المغرضة”، مؤكدة أن “سبب وفاتها ليس له أي علاقة باللقاح”، وذلك بناء على “فحوصات وتحاليل طبية معمقة مضمنة في تقريرها الطبي”.
كما توفي تلميذ يدعى عبد العزيز ويبلغ من العمر 13 سنة، في 23 أكتوبر الماضي، بمستشفى الهاروشي بالدار البيضاء، وتم أيضا ربط وفاته بالجرعة الثانية من اللقاح التي تلقاها في 11 أكتوبر، نفس الأمر بالنسبة لشاب تلقى الجرعة الأولى من اللقاح بأكادير، والذي قالت عائلته إنه كان يعاني من ألم في ذراعه قبل وفاته.
في السياق ذاته، انتشر مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي يدعي من خلال شخصان أن تلميذا قد توفي مباشرة بعد تلقيه الجرعة الأولى من القاح، وهو الخبر الذي نفته المديرية الإقليمية للخميسات واصفة إياه بـ”الخبر الزائف”.
ودفع هذا الكم الهائل من الإشاعات التي تربط سبب هذه الوفيات بتلقيها للقاحات المضادة لفيروس “كورونا”، اللجنة العلمية إلى تنظيم ندوة صحفية شهر نونبر الماضي. وأكدت خلالها رشيدة سليماني بن الشيخ مديرة المركز المغربي لمحاربة التسمم واليقظة الدوائية أنه لم تسجل أي حالة وفاة بسبب اللقاح في الحالات المبلغ عنها”.
وفي سياق متصل، كانت وكالة الأدوية التابعة للاتحاد الأوروبي، قد أكدت عدم وجود علاقة بين لقاح “فايزر بيونتك” المضاد لفيروس كورونا المستجد، وحالات الوفاة التي سجلت في أوساط أشخاص تلقوه.
وقالت الوكالة إن اللقاح “لا يتسبب بآثار جانبية جديدة، وذلك بناء على أولى البيانات المرتبطة بإطلاقه”. وجاء إعلان الوكالة بعدما أفادت تقارير أن العشرات، وخصوصا من المسنين، توفوا في النرويج وغيرها من الدول الأوروبية، عقب تلقيهم أول جرعة من اللقاح.
وقالت الوكالة إنها اطلعت على الوفيات التي سجلت بما فيها تلك التي أحصيت في أوساط عدد من المسنين، و”خلصت إلى أن البيانات لا تظهر علاقة للأمر بتلقي لقاح فايزر، ولا تثير الحالات أي قلق بشأن السلامة”.