الخزينة العامة للمملكة تلم خبراء للبحث عن أجوبة لتحديات المالية العمومية
كيف يمكن للمالية العمومية أن تدعم وتسرّع وتيرة النمو الاقتصادي، وتسْهم في الحد من البطالة، لاسيَما في صفوف الشباب؟ وما هي السياسات العامة التي يمكن بواسطتها التقليص من التفاوتات الاجتماعية والمجالية؟ سؤالان طرحهما الخازن العام للمملكة، كمنطلق لبسط تصوّره حول الحلول الممكنة لتجاوز تحديات المالية العمومية، وذلك في افتتاح الدورة الرابعة عشرة من المناظرة الدولية للمالية العمومية 2021.
وتناقش المناظرة التي تنظمها الخزينة العامة للمملكة، بشراكة مع جمعية المؤسسة الدولية للمالية العمومية، اليوم الجمعة وغدا السبت بالرباط، تحديات المالية العمومية خلال القرن الواحد والعشرين، بمشاركة عدد من المسؤولين الحكوميين والخبراء الاقتصاديين والماليين المغاربة والفرنسيين.
وقال نور الدين بنسودة، الخازن العام للمملكة، إن “تجاوز تحديات المالية العمومية وإيجاد أجوبة لها لم يعد يتطلب فقط الحلول الاقتصادية، بل توسيع هامش التدخل، وذلك بالاهتمام بالعنصر البشري، وهو ما انخرط فيه المغرب خلال السنوات الأخيرة، من خلال جملة من البرامج والأوراش الرامية إلى تلبية حاجيات المواطنين في شتى المجالات، كالصحة، والحماية الاجتماعية”، لافتا إلى أن “الإصلاحات الهيكلية تتطلب الإرادة والشجاعة”.
الخازن العام للمملكة أشار إلى أن ثمة جملة من العوامل تشكل تحديات للمالية العمومية في القرن الواحد والعشرين، مثل العولمة والرقمنة والتمدن والفوارق الاجتماعية والمجالية… مشددا على أن “هناك تحديات تستدعي أن تُعطى الأولوية، مثل تمويل الأنظمة الصحية وأنظمة التقاعد، علاوة على النهوض بوضعية الأشخاص في وضعية إعاقة”.
وفي تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، قال بنسودة إن “المغرب، تحت قيادة الملك محمد السادس، أصبح يضع ضمن أولوياته الاهتمام بالرأسمال البشري”، مشيرا إلى أن “الجواب على تحديات المالية العمومية في السنوات الماضية كان اقتصاديا محضا، بينما الآن فهمت الحكومات أن الجواب على التحديات المطروحة يجب أن يكون اقتصاديا واجتماعيا”.
وأكد الخازن العام للمملكة أن “المغرب ماضٍ في هذا التوجه بقوة عن طريق ورش الحماية الاجتماعية الشاملة الذي أطلقه الملك محمد السادس، والذي سيوفر التغطية الصحية والاجتماعية للمواطنين؛ إضافة إلى الأوراش المتعلقة بتحسين المرافق العمومية، وتجويد الخدمات المقدمة للمواطنين، إذ تمت زيادة الأرصدة المالية المخصصة لعدد من القطاعات الاجتماعية، كالصحة والتعليم”.
وبينما دفعت أزمة جائحة فيروس كورونا إلى بروز مطلب “الدولة الراعية” بقوة إلى الواجهة، أكد الخازن العام للمملكة أن تجاوز تحديات المالية العمومية “يتطلب التنسيق الجيد بين القطاعين العام والخاص، وأن يتعاوَنا بينهما، من أجل تنفيذ المشاريع المرسومة”، مؤكدا أن كلا القطاعيْن يحتاجان إلى بعضهما.
وفي خضم التداعيات السلبية لجائحة فيروس كورونا على المالية العمومية في مختلف البلدان، قالت فتاح العلوي، وزيرة الاقتصاد والمالية، إن “تحديات المالية العمومية ناجمة عن أسباب أخرى، كالتحولات المجتمعية، وزيادة حاجيات المواطنين، والمناخ الدولي”.
وأضافت المسؤولة الحكومية أن “ما ينبغي التفكير فيه هو التحديات التي ستواجه المالية العمومية مستقبلا”، لافتة إلى أن “المغرب واعٍ بهذه التحديات ولديه تصوّر، إذ اختار، تحت الملكية، نهج الدولة الاجتماعية، وهو ما يتطلب توفير حلول لمجموعة من القضايا، كتحسين ظروف عيش الشباب، وتجويد المنظومة الصحية والمنظومة التعليمة، وتمتيع المتقاعدين بالمعاش”.
وشدد وزيرة الاقتصاد والمالية بدورها على ضرورة مشاركة القطاع الخاص، وباقي القوى الحية في البلاد، في بلورة الحلول الممكنة لتجاوز تحديات المالية العمومية.
وسترتكز أشغال ومناقشات المناظرة الدولية للمالية العمومية، التي تستمر غدا السبت، على ثلاثة محاور رئيسية، وهي الإستراتيجيات وآليات تمويل حالات الشيخوخة والتقاعد ومتطلبات الأشخاص ذوي إعاقة.
ويتعلق المحور الثاني بدور السلطات العمومية في مواجهة التحديات الاقتصادية ومتطلبات النمو والتحول الديمغرافي والقضايا المتعلقة بتقليص الفوارق الاجتماعية، بينما يتناول المحور الثالث السياسات العامة الإستراتيجية في ما يتعلق بالبرمجة متعددة السنوات للميزانية ورهانات الاقتراض والتحول الرقمي، وتقييم السياسات العمومية.