الذهب..ما احتياطاته؟ وما سر الهوس به؟
دور الذهب والقبول العالمي لقيمته، مكنا البشرية من إنشاء اقتصاد حيوي تجاوز الحدود والثقافات، وسمح باستقرار واكتشاف عوالم جديدة، ومكن التجارة من الانتشار في كافة أنحاء العالم، واليوم ليست على الأرض دولة إلا لديها عملة مدعومة بالذهب، فلماذا يحتفظ الذهب بأهميته في النظام المالي الحديث رغم أنه لم يعد يُعتبر مالا؟
بقي قويا طوال تاريخ البشرية
يحتفظ الذهب بأهميته في النظام المالي الحديث، فتملك أمريكا 8 آلاف طن منه، ويملك صندوق النقد الدولي 3 آلاف طن، وضاعفت روسيا احتياطياتها في السنوات العشر الأخيرة.
وبالرغم من مرور آلاف السنين على اكتشافه؛ فإنه بقي قويا قيما طوال تاريخ البشرية، واستخدمته الحضارات المتعاقبة، وكان وسيلة للمقايضة وأداة للزينة. فما الذي يميزه؟
الذهب ثابت ومستقل لا تستطيع مضاعفته بزيادة الأصفار أو تشغيل آلة الطباعة، وهذا ما يجعله أفضل من المال
هو المال الوحيد الذي صمد عبر التاريخ، فالحكومات دمرت قيمة العملات الورقية والمعدنية وحتى الفضية منها. وحده الذهب نجا من كل حالات الذعر والانهيارات التي ضربت اقتصادات العالم
فريد بين العناصر ولا يفنى كالفضة فالاستدامة هي أولى خصائصه وحتى الكميات القليلة المستخدمة في أمور كالإلكترونيات تجعل قيمته مستردة اقتصاديا.
يعد الذهب أندر العناصر، حيث يشكل 3 أجزاء من كل مليار جزء من القشرة الأرضية أي إذا كان لديك مليار حبة شوكولاتة فهناك فقط 3 حبات منها صنعت من الذهب.
مستودع موثوق للقيمة، فهو ليس التزاما من أحد ولا ينتظر تقييما من أحد، ويستمد قيمته من ذاته، وهو تحت تصرفك حتى بات أفضل من العقار.
احتياطيات الذهب
ووفقا للبيانات الصادرة عن مجلس الذهب العالمي (خلال 2020)، بلغت احتياطيات البنوك المركزية من الذهب 36 ألف طن، وكان بنك الاحتياطي الهندي أكبر مشتر للذهب في الربع الثالث من عام 2021، بعد أن رفعت البلاد حجم احتياطي الذهب من 41 طنا إلى 745 طنا، كما زادت البرازيل 9 أطنان من الذهب إلى احتياطياتها من الذهب، ونسجت على منوالها أوزبكستان بزيادة 26 طنا، في حين اكتفت روسيا بزيادة 6 أطنان فقط إلى احتياطياتها من الذهب، ولم يكن تخزين الذهب هذا العام حكرا على البلدان النامية.
وحسب خبراء دار سك العملة، فإن أيرلندا “اكتفت في شهري سبتمبر/أيلول وأكتوبر/تشرين الأول بشراء طن واحد من الذهب، وفي سبتمبر/أيلول زادت احتياطياتها من الذهب بمقدار نصف طن في عملية شراء هي الأولى من نوعها منذ عام 2008، واشترى البنك المركزي السنغافوري 26 طنا من الذهب بين مايو/أيار ويونيو/حزيران، وهي أول عملية للترفيع في حجم احتياطيات البلاد منذ عام 2000”.
وحسب البيانات التحليلية لخبراء دار سك العملة، بلغ حجم الطلب العالمي على السبائك والعملات المعدنية في الربع الثالث من عام 262 طنا، وبحلول نهاية الربع الثالث من العام بيعت 857 طنا من الذهب المادي الاستثماري، وهو رقم لم يسجل منذ عام 2013.
وأشارت الكاتبة إلى أن الطلب على المجوهرات زاد في الهند والصين باعتبارهما من الدول المستهلكة الرئيسة، علما بأن المجوهرات تمثل بين 40% و50% من الطلب العالمي على المعدن الأصفر.
وأوضح خبراء دار سك العملة أن المؤشر الإجمالي للطلب على المجوهرات في الهند قد يتجاوز 400 طن في نهاية 2021، في حين قد يتعدّى 500 طن في الصين، وبناء على ذلك قد يعود مؤشر الطلب العالمي على المجوهرات بحلول نهاية هذا العام إلى مستوى ما قبل الوباء.
وفي أوروبا عادة ما يكون الألمان أكثر المشترين للعملات المعدنية والسبائك، وقد نما الطلب على الذهب في ألمانيا بنسبة 35% مقارنة بالنصف الثاني من عام 2020، وذلك يعود إلى بلوغ التضخم مستوى قياسيا بعد رفع القيود المفروضة جراء جائحة كورونا.
نمو الطلب
عززت المعدلات الاسمية الحقيقية السلبية جاذبية الذهب، وبفضل ارتفاع الطلب على الذهب المادي بقيت الأسعار مستقرة، وحسب خبراء دار سك العملة، يعود نمو الطلب على الذهب المادي من السبائك والعملات المعدنية والمجوهرات في جميع أنحاء العالم إلى زيادة معدل التضخم وتراجع أسعار الذهب، إلى جانب رفع القيود المفروضة للحد من انتشار كورونا.
وأوضح خبراء دار سك العملة أن الذهب في ظل الركود التضخمي يجذب اهتمام المستثمرين المؤسسين، خاصة أن تحجيم التحفيز الاقتصادي والتضخم المرتفع يؤثر سلبا في قيمة الأصول المالية التقليدية، ومن غير المرجح أن يؤثر التشديد المتوقع للسياسة النقدية لبنك الاحتياطي الفدرالي والبنك المركزي الأوروبي على أسعار الذهب في عام 2022.
وهناك توقعات متفائلة بشأن إمكانية عودة أسعار الذهب إلى الارتفاع من جديد إلى مستوى قياسي قد يبلغ 2630 و2650 دولارا للأونصة في السنوات القليلة القادمة. في المقابل، تشير بعض التوقعات المتشائمة إلى احتمال تراجع أونصة الذهب إلى 1600 دولار.
المصدر: الجزيرة نيت