تأخر صرف رواتب المربيات يؤثر سلبا على الجودة في التعليم الأولي
في الوقت الذي تعمل فيه الدولة على النهوض بالتعليم الأولي والسعي نحو تعميمه في أفق سنة 2028، باعتباره رافعة أساسية لإصلاح المنظومة التربوية، تعيش المربيات اللواتي يشكل العمود الفقري للتعليم الأولي في ظروف اجتماعية صعبة، تأزمت أكثر خلال الشهور الأخيرة، بسبب عدم تمكينهن من أجورهن.
وتنتظر غالبية مربيات التعليم الأولي الحصول على أجورهن منذ نحو سنة؛ فقد أفادت عضو بالتنسيقية الممثلة لهن بأن آخر أجر حصلن عليه كان في شهر فبراير 2021، ما دفع بهن إلى خوض أشكال احتجاجية على الصعيدين الإقليمي والمركزي لم تفض إلى أي نتيجة.
ولجأت مربيات التعليم الأولي إلى خوض إضراب وطني عن العمل اليوم الثلاثاء، من أجل لفت انتباه مسؤولي وزارة التربية إلى وضعيتهن والتحذير من تأثيرها السلبي على أدائهن داخل الفصول الدراسية.
وقالت عضو التنسيقية الوطنية لمربيات التعليم الأولي التي تحدثت إلى هسبريس: “ولّينا كنشوفو الفلوس بحالا كنشوفو الجُوهْر، واخا غير فلوس، حيت هادي عام ما تخلصناش، وهادشي كيأثّر على نفسياتنا، وولينا عصبيات حتى مع الأطفال”، مضيفة: “لا أخفي أن هذا يؤثر على أدائنا وعلى جودة التعليم”.
وكانت وضعية مربيات التعليم الأولي مثار مساءلة لوزير التربية الوطنية في جلسة الأسئلة الشفهية بمجلس النواب مطلع شهر يناير الجاري، حيث قال الوزير إن البرنامج الحكومي التزم بتمكين كل الأطفال من التعليم الأولي ابتداء من السنة الرابعة، “مع إرساء الحكامة الفعالة لمراقبة الجودة”.
وأضاف المسؤول الحكومي ذاته أن الوزارة تعتمد على أربعة مرتكزات لتحقيق الجودة اللازمة، منها انتقاء المربيات والمربين العاملين مع الجمعيات المتعاقد معها المتوفرين على المهارات المطلوبة التي تتناسب مع التعليم الأولي.
ومقابل سعي وزارة التربية الوطنية إلى تجويد التعليم الأولي عبر انتقاء المربيات والمربين ذوي الكفاءة، فإن هؤلاء، وغالبيتهم إناث، يشتكون من ظروف العمل الصعبة التي يشتغلون فيها، رغم أن الوزارة الوصية على القطاع في الحكومة السابقة سبق لها أن أصدرت دورية تطالب فيها الجمعيات باحترام مقتضيات مدونة الشغل.
وإلى حد الآن، ما تزال الدورية المذكورة “حبرا على ورق”، بحسب عضو التنسيقية الوطنية لمربيات التعليم الأولي التي تحدثت إلى هسبريس، مشيرة إلى أن بعض رؤساء الجمعيات صرّحوا بالمربيات اللواتي يشتغلن معهم لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، لكنهم لا يدفعون عنهن أي مساهمة.
وفيما لم يتسن أخذ رأي وزارة التربية الوطنية في الموضوع لوجود المسؤولين المعنيين في اجتماع مع النقابات التعليمية، أوضحت المتحدثة ذاتها أن مشكل صرف أجور المربيات يوجد على مستوى الأكاديميات، حيث تم تشديد شروط منح الدعم للجمعيات من أجل دفعها إلى احترام حقوق المربيات، لكن دون وضع آليات لتيسير تمكينهن من أجورهن في حال لم تُوف الجمعيات بالشروط المطلوبة لاستفادتها من الدعم.