باحثون يرصدون ملامح قوة العلاقات الدبلوماسية بين المغرب ودول الخليج
أجمع أساتذة باحثون في العلاقات الدولية، خلال ندوة نظمتها مؤسسة الفقيه التطواني، على قوة العلاقات الدبلوماسية بين دول التعاون الخليجي والمغرب، مشددين على أن “الرباط اختارت اتباع سياسة الحياد خلال الأزمة الخليجية الأخيرة، وقد خرج منها المغرب منتصرا وبدون خسائر”.
العربي الجعيدي، أستاذ باحث في معهد بمركز السياسات من أجل الجنوب الجديد، قال إن “دول مجلس التعاون الخليجي تتمتع بعوامل قوة مهمة ومتنوعة، وهي دول تختلف في قوتها الاقتصادية والتنموية”.
وأضاف الجعيدي، متحدثا خلال ندوة الفقيه التطواني مساء اليوم الخميس، أن “دول التعاون الخليجي انخرطت في مسلسل التنمية المندمجة من خلال استعمال الفائض المالي للتحول التنموي، وضمان المستقبل الاقتصادي”، مشددا على أنها “استطاعت أن تقدم إضافة للعالم الاقتصادي الحر والرأسمالي، كما حدث تطور على مستوى منظور قياداتها الرسمية، التي لعبت دورا في الخروج من الأزمة المالية الخانقة، مع العمل على تشكيل فضاء قوي في عالم المال والأعمال”.
واعتبر الأستاذ الباحث ذاته أن “التحول الذي عرفته دول الخليج العربي جاء بتغييرات عميقة وتحديات إستراتيجية، أهمها صعود إيران كقوة إقليمية، بالإضافة إلى التنافس الإيديولوجي بين الدول، وأزمة النظام العربي، بما فيه نظام الحكم، والتحول في القوى العالمية والجهوية التي أثرت في مسار دول التعاون الخليجي”.
وقال المتحدث ذاته إن “مجلس التعاون عانى من إشكالية عامة مرتبطة بالتناقض الموجود بخصوص الإشكالية الأمنية، باعتبارها مصدر قلق لدوله، بما فيها الخلاف مع قطر، الذي يؤثر في مسار المجلس، وفشل الاتفاق النووي الإيراني، وتصعيد التوترات بين أمريكا وإيران”.
كما اعتبر الجعيدي أن “موقف المغرب من الأزمة الخليجية كان مساندا لقطر، وهو ما خلق قلقا بالنسبة للأطراف الأخرى”، مضيفا أن “الموقف المغربي كانت له مسبباته وفيه نوع من الحكمة والرزانة”.
من جانبه، قال الباحث في العلاقات الدولية الموساوي العجلاوي إن “علاقات المغرب مع دول الخليج يمكن تقسيمها إلى مرحلتين؛ المرحلة الأولى التي كانت قبل عام 2011، واتسمت باستقلال بعض الدول الخليجية، وذلك بداية السبعينيات، وكانت العلاقات قوية ومتينة”، وزاد: “بالعودة إلى مطبوعات القصر المغربي هناك عدد من الوثائق التي تبين مشاركة دول الخليج في مساندة المغرب في نزاع الصحراء”.
وأوضح العجلاوي أن “المغرب أول بلد عربي اعترف بدولة الإمارات العربية المتحدة، كما أن العلاقات بين الدول الخليجية والمملكة المغربية تاريخية ذات دلالة قوية”، معتبرا أن “نقطة التحول حصلت منذ عام 2011، مع انطلاق الربيع العربي في غالبية الدول العربية، حيث فتح مسارات مستقلة لكل دولة على حدة؛ سواء من خلال تصريف الأزمة الداخلية أو من خلال التدخل في شؤون الدول”.
وقال الباحث في العلاقات الدولية إن “موقف المغرب من أزمة الخليج كان رزينا، له ما بعده، وينظر إلى المستقبل، ولا يخدم طرفا من الأطراف المعنية بالأزمة”، مبرزا أن “المغرب كان دوما مع استقرار وتكامل دول مجلس التعاون الخليجي”، ومشددا على أن “هناك إصرارا من جانب دول الخليج على احترام الوحدة الترابية للمغرب، ما تم التذكير به خلال آخر اجتماع لدول التعاون الخليجي؛ وهي رسالة للنظام العسكري الجزائري الذي يستعد لعقد قمة عربية في الجزائر”.
من جانبه، قال عبد الفتاح بلعمشي، أستاذ العلاقات الدولية والقانون الدولي في جامعة القاضي عياض بمراكش، إن “العلاقات بين الدول الخليجية والمغرب شهدت فترات متعددة، وذلك منذ استقلال هذه الدول التي كانت تجمع ملوكها وشيوخها وأمراءها علاقات صداقة مع الملك الراحل الحسن الثاني”.
وشدد بلعمشي على أنه “قبل عام 2011 تم الاتفاق على بلورة عمل مشترك بين المغرب ودول مجلس التعاون الخليجي، من خلال إصدار مواقف موحدة”، مردفا: “مباشرة بعد انْدلاع أحداث الربيع العربي، أصبح الإقليم العربي تتجاذبه قوى أجنبية، مثل إيران وتركيا. في هذه المرحلة تم التعبير عن مفهوم جديد للتعاون، وهو الشراكة الإستراتيجية”.