البروفيسور الإبراهيمي: “لا أرى أي مكتسبات سنحافظ عليها باستمرار إغلاق الحدود”
هبة بريس ـ الدار البيضاء
أكد البروفيسور عز الدين الإبراهيمي أن إغلاق الحدود لم بعد مجديا الآن بعد أن تفشى متحور أوميكرون في المغرب.
و كتب البروفيسور الإبراهيمي تدوينة عدد فيها الأسباب العشرة حسبه لعدم ضرورة استمرار إغلاق حدود المملكة بسبب متحور أوميكرون.
و قال الإبراهيمي: “أظن أن ما يقع، اليوم بالمغرب، من نقاش حول فتح الحدود أمر صحي و لا يمكن أن نصوره كصدام أو اصطدام بل تدافع بين مبدأين كما يقع في جميع بلدان العالم، تدافع بين المبدأ التدبيري المفعم بالحذر والحيطة و المقاربة العلمية المتجردة التي تنظر للمعطيات و البيانات دون خلفية أخرى لاستخلاص التوصيات”.
و أضاف الخبير الطبي: “يجب أن نذكر أنه مهما كانت توصية اللجنة العلمية، فالقرار النهائي يبقى بيد مدبري الأمر العمومي و يرتبط بالمسؤولية و الكلفة السياسية لكل من قرارتهم، و لكن يجب أن ندبر أي اختلاف بحكمة، يمكننا أن نختلف في أمر لأن زوايانا مختلفة و لكن علينا أن نشهر أدلتنا بكل هدوء و نناقشها بوضوح دون ادعاء بامتلاك الحقيقة المطلقة و لا تعصب، فرأيي صَوابٌ يَحتَمِلُ الخَطأ، ورأيُ غَيري خَطأ يَحتَمِلُ الصَّوابَ، و ذلك دون الحاجة للتشنج والغضب”.
و زاد قائلا: “أنا متأكد أن الجميع تسكنه مصلحة الوطن و مصلحة المواطن و تتبع الرؤية الملكية الاستباقية و التشاركية التي تأطر مواجهتنا للجائحة، و لنعد لموضوع الحدود و إعادة فتحها، فالسؤالين الذين يشغلان الرأي العام المحلي هذه الأيام هما هل توافد الآلاف من الأشخاص الملقحين و بوثيقة سلبية يؤثر على الحالة الوبائية المغربية الحالية؟ و هذا سؤال علمي، أما التدبيري فهو ما هو حجم المجازفة و هل منافع فتح الحدود أكبر من الاستمرار في إغلاقها؟”.
وو أضاف الإبراهيمي: “سأحاول برأي شخصي إبراز أهم الأسباب التي تدعو لإعادة فتح الحدود أملا أن يغني النقاش و يمكن من اتخاذ القرار الأجدى، و أولها أن اليوم نعرف الكثير عن أوميكرون و موجته و التي كانتا سببا في الإغلاق، فرغم سرعته المرعبة في الانتشار، أدى أوميكرون إلى زيادة طفيفة في استشفاء المصابين و الدخول إلى المستشفيات، فتسونامي أوميكرون مقرون بالاصابة و ليس الإنعاش، وكل المعطيات تؤكد على أن أوميكرون يفضي إلى مرض أقل خطورة مقارنة مع السلالات الأخرى مع تقلص مدة المكوث بالمستشفى للمصابين بهذا المتحور”.
و أضاف: “ببلوغنا لذروة الإصابات بأوميكرون، اليوم، يبقى المشكل الذي نواجهه ليس الإصابات بل قدرة منظومتنا الصحية في استقبال المصابين و تطبيبهم، فلا يمكن أن نرفع من أسرة الإنعاش وسنواجه الموجة بالقدرة الذاتية للمنظومة المتوفرة الأن، و هذا هو المشكل الحقيقي و ليس توافد أشخاص ملقحين و بتحاليل سلبية”.
و السبب الثاني وفق ذات المتحدث أن قراراتنا يجب أن تبقى متجانسة مع التوصيات الدولية و خاصة لمنظمة الصحة العالمية و التي توصي برفع أو تخفيف حظر السفر الدولي ، لأنه لا يضيف قيمة ويستمر في المساهمة في الضغط الاقتصادي والاجتماعي للدول الأطراف، و قد نصحت منظمة الصحة العالمية البلدان برفع أو تخفيف قيود السفر لأنها لا تقدم قيمة مضافة وتستمر في المساهمة في الضغوط الاقتصادية والاجتماعية، ووصفتها بأنها فشلت وغير فعالة بمرور الوقت.
السبب الثالث يقول الإبراهيمي: “نعم، فدخول وافدين بالشروط الصحية المعمول بها سابقا بالمغرب لم يعد يشكل خطرا وبائيا أكبر مما هو عليه الوضع، و هكذا تراجعت كل الدول عن إغلاق الحدود، فرغم الأرقام القياسية اليومية للإصابات كما هو الحال في المغرب، فتحت كل الدول أجواءها و حدودها، و لنبقى منسجمين مع ذواتنا، لقد قبلنا فتح الحدود منذ 20 يونيو 2020 و مررنا بموجات و سلالات د614 ألفا دلتا، فصمود المنظومة الصحية لا علاقة له مع فتح الحدود، كيف لنا أن نشرح أننا نظمنا في عز موجة دلتا العاتية عملية مرحبا لملايين المغاربة و نبقي الحدود مغلقة في وجه الألاف في ظل موجة أوميكرون الأقل خطرا”.
و رابعا يقول ذات الخبير:”يظن البعض أنه بفتح الحدود ستتدفق الملايين على المغرب و بين عشية وضحاها، وهذا غير صحيح، البيانات السياحية واضحة و تؤكد أن الربع الأول من السنة (يناير-مارس) يعتبر عمومًا موسم ركود في التنقل الجوي في العالم و المغرب، فانخفاض تدفق المسافرين الوافدين حتما سيؤدي إلى انخفاض مخاطر الإصابة بالعدوى المستوردة، زيادة على ذلك فتعافي قطاع السياحة سيأخذ و قتا و سيكون يالتدرج، فلنؤهله لموسم الصيف إن شاء الله”.
خامسا وفق الإبراهيمي:” أظن أنه، خلال المرحلة الوبائية الحالية في المغرب، فالتداعيات الاجتماعية والاقتصادية للإغلاق أكبر بكثير من المخاطر الصحية، نعم فالسياح القادمون و الذين تتوفر فيهم الشروط الصحية لا يشكلون أي خطر على حالتنا الوبائية، فالتكلفة المالية تقدر بالملايير وانعكاساته الاقتصادية على قطاع السياحة تمتد إلى المستوى البعيد وليس القريب فقط، نعم يمكننا التأكد من سلامة الوافدين بالتلقيح و التحاليل و يمكن أن نزيد كل شرط ونلزم به الوافدين بسيادة كاملة كما تفعل جميع الدول”.
سادسا يضيف ذات المتحدث: “الكلفة الحقوقية، بينما تركز بعض الوجوه الحقوقية على اللجنة العلمية و التلقيح و التجريح في أطبائنا و أطرنا التمريضية و في تكوينهم و هم لا يفرقون بين البروتيين و الحامض النووي، أرجوهم أن يركزوا على نقطة حقوقية بديهية، هل يمكن ان نرفض رجوع أي مغربي لبلده؟ و لو في عز موجة عاتية، أظن أن على هؤلاء الحقوقيين العلماء أن يترافعوا عن حق العالقين المغاربة للعودة لبلدهم و لا سيما أن توافد المغاربة العالقين و مغاربة العالم لا يشكل أي خطر صحي، نساو شوي اللقاح و رجعوا للحقوق”.
و يضيف بخصوص النقطة السابعة:”يجب أن نبقي على انسجام التوصيات و القرارات المغربية حفاظا على السمعة و الإشعاع المغربي الذي بينا عنه خلال الجائحة، كيف نبقي على ذلك و نحن لا نخضع الرحلات الجوية الخاصة الوافدة على المغرب لنفس الشروط التي تخضع لها الرحلات التجارية الممنوعة منعا باتا، ما الفرق من الناحية الصحية و الوبائية بين دخول طائرة محملة بمئة شخص و بين دخول خمس طائرات خاصة محملة بعشرين شخص، كيف لمئة شخص تدخل بطائرة تجارية أن تؤثر على الوضع و المئة الخاصة أن لا توثر، و قس على ذلك”.
و أضاف :”كيف نبقي على هذه المصداقية و نحن بفتحنا للمدارس كمرتع للفيروس و مسرع لانتشاره نكون قد قررنا التعايش، فلم نستمر في إغلاق الحدود، من الناحية العلمية فتح المدارس و تجميع الملايين في أماكن مغلقة أخطر بأضعاف مضاعفة عن فتح الحدود و توافد ألالاف من الأشخاص بشروط صحية موضوعية، و في سؤال استباقي مستفز، ماذا لو ظهر متحور أخر في شهر فبراير، هل نستمر في الإغلاق إلى ما لا نهاية”.
ثامنا، يقول الإبراهيمي:” توفرنا اليوم على بروتوكولات ناجعة و ترسانة من الأدوية و التي تم تحيينهما بعد التوفر على علاجات مضادات فيروسية جديدة، تمكننا اليوم من مواجهة الموجة في ظروف أحسن من ذي قبل، نعم، و رغم بطء عملية التلقيح فإن الحائط المناعاتي اللقاحي الذي كوناه يمكن من التخفيض من حجم المجازفة”.
و زاد بخصوص السبب التاسع:” في الحقيقة و كما قلت سابقا، لا أرى أي مكتسبات سنحافظ عنها بالإغلاق بعد انتشار أوميكرون و بلوغ الذروة، الحقيقة اليوم أن الإغلاق لا يرصد أي مكتسبات، لا من الناحية الصحية و لا الوبائية و لا الاقتصادية و لا الاجتماعية و لا يلمع سمعة المغرب و لا يعطي مصداقية أكبر لقراراته و الإغلاق كذلك لا يحمينا من أية انتكاسة”.
أما عاشرا يقول البروفيسور عز الدين الإبراهيمي: “بالعكس حان الوقت لترصيد مكتسباتنا و تضحياتنا لمدة سنتين في مواجهة الكوفيد، في الحقيقة لا أستسيغ أن التحدث عن فتح الحدود و كثير من البلدان تعد العدة للخروج من الازمة، ضحينا بالكثير من أجل أن نكون من البلدان الأولى التي تخرج من الأزمة، و هذا الطموح يسكن كل مكونات الدولة المغربية، ملكا و حكومة وشعبا”.
و في الختام، يقول الإبراهيمي :”يجب علينا أن نتذكر أن الأيام المقبلة ستكون صعبة، نعم ستكون الأيام المقبلة صعبة جدا، نعم سنفقد الكثير من الأحبة و سنبدأ في دفع ثمن الفاتورة و من ارواحنا، و أحمد الله أنه رغم بلوغ أوميكرون ذروة الانتشار فغالبية الحالات السريرية حميدة مع ضراوة أقل للكوفيد، متفائل أنا بصمود منظومتنا بفضل أطرها و أرى في فتح الحدود إعلانا مثمنا لاستراتيجية التعايش التي قررناها جماعيا بسلوكياتنا و قرارتنا، أتحدث هنا عن استراتيجية مستدامة من خلال جعل المتحور الجديد وباءا بمواصفات مرض يمكننا التعايش معه، نعم إن الزيادة الهائلة في عدد الإصابات بأوميكرون فرضت علينا التعود على العيش معه و علينا أن لا نُفرِطَ في استعمال مبدأي الاحتراز و الحيطة و الحذر و لنحافظ على مصداقية و تجانس قراراتنا حتى نُرَصِّدَ تضحياتنا و مكتسباتها طيلة مدة الجائحة، نعم و الله، حرام ان نضيعها بسبب نقص في الجرأة و حفظنا الله جميعا”.