جميع الأخبار في مكان واحد

إغلاق مركز يعمق جراح مرضى السكري

يعتبر داء السكري مرضا مزمنا يصاحب المصاب مدى الحياة، ينتج عن عجز البنكرياس عن إنتاج الأنسولين، وهو ما يتطلب “احترامه” حتى لا يتحول إلى عدو، وذلك بالمراقبة الدقيقة والمتواصلة من حيث قياس نسبة السكر في الدم، قبل تناول الأغذية وبعدها، واتباع نظام غذائي متوازن يرتكز على الحمية (الريجيم) وممارسة الرياضة، واستعمال الأقراص الطبية أو الأنسولين، حسب حالة المريض ونوع إصابته تبعا لتعليمات الطبيب.

وتخصص منظمة الصحة العالمية الـ 14 من نونبر من كل سنة يوما عالميا لمرضى السكري، باعتباره داء يصيب جميع الفئات العمرية، ومنه سكري المرأة الحامل.

ومن أعراض “السكري” عموما، كثرة التبول وشدة العطش والرغبة الدائمة في الأكل، والإحساس بالتعب والإجهاد، وتنتج عنه مضاعفات كالاعتلال في الكلى والجهاز العصبي المركزي، وتصلب الشرايين وأمراض القلب وارتفاع ضغط الدم واعتلال شبكة العين وبطء التئام الجروح.

عشرات المصابين بإقليم سطات وإغلاق مركز المساندة

هسبريس قامت بزيارات متعددة في أوقات مختلفة إلى مركز التوجيه لمرضى داء السكري بمدينة سطات، إلا أننا وجدنا جميع أبوابه في كل مرة موصدة عن آخرها، قبل أن نربط الاتصال هاتفيا برئيس الجمعية المسيرة للمركز، الذي ضرب لنا موعدا في اليوم الموالي ليصطحبنا إلى المركز والاضطلاع على مكوناته وتجهيزاته ومستوى الأشغال والمدة التي استغرقتها حسب دفتر التحملات.

بعد لقائنا مع رئيس المركز في إحدى المقاهي بالمدينة، في بداية الأمر، استغللنا الفرصة للدردشة حول مسار الجمعية التي تقدم خدماتها إلى ما يفوق 5000 منخرط منذ تأسيسها سنة 2005، حيث كانت في البداية تقدم خدماتها بانخراط رمزي محدد في 30 درهما بمنزل عن طريق الإيجار، فضلا عن قيامها بالحملات التحسيسية، وفق أهدافها المسطرة في القانون الأساسي، قبل أن تنتقل إلى المقر الجديد الذي اعتبره الرئيس من أحسن المقرات في المغرب.

مديرية الصحة: لا علاقة لنا بالمركز

ولأن داء السكري، بجميع أنواعه، يتسلل تدريجيا كل سنة إلى عدد من المواطنين بالجماعات الترابية القروية والحضرية بإقليم سطات، ويزيد من معاناتهم الصحية والمادية، بسبب البعد عن المراكز الصحية وتمركز التخصصات الطبية بالمركز الإقليمي بمدينة سطات، فضلا عن ندرة التوعية والتحسيس في بعض المناطق وانعدامها التام في مناطق أخرى، خاصة بعد إغلاق مركز المساندة والتوجيه بسطات، نقلنا مجموعة من الأسئلة إلى مسؤولين بمديرية الصحة بسطات.

مسؤول بمديرية الصحة بسطات أكد في اتصال هاتفي بهسبريس أن المندوبية الإقليمية للصحة تقوم بإحصاء المصابين بالسكري في القرى والمدن، مع تحيين اللوائح، لتحديد الأدوية اللازمة والأنسولين ووضعها مجانا رهن إشارتهم في المستوصفات أو المراكز الصحية، حسب مكان الاستقرار أو العمل.

وأضاف أن المديرية توفر طبيبتين مختصتين في داء السكري بالمركز الاستشفائي الإقليمي الحسن الثاني، لاستقبال جميع الحالات المرضية وفحصها وإحالتها على اختصاصات أخرى، بالنظر إلى مضاعفات السكري على أعضاء الجسم كالعينين والقلب وغيرهما.

وأوضح المتحدث لهسبريس أن جمعية مساندة مرضى السكري بالإقليم لا تربطها أي علاقة بمديرية الصحة بسطات، باعتبار أن الجمعية تعمل وفق قانونها الأساسي وأهدافها التي تأسست من أجلها. وعبر عن استعداد المديرية لعقد شراكة أو تعاون مع مثل هذه الجمعيات، قصد توفير دعم منتظم ودائم للمصابين بالإبر المعدة مسبقا، المعروفة لدى المرضى وذويهم بـ”الستيلو المملوء بالأنسولين”، التي تفتقر إليها المندوبية.

حقوقيون يطالبون بفتح المركز والرفع من تقديم الخدمات

بوشعيب النجار، الأمين العام للمرصد الوطني لتخليق الحياة العامة ومحاربة الفساد وحماية المال العام، قال في تصريح لهسبريس إن “التمتع بحق الصحة مضمون بجميع المواثيق الوطنية والدولية، ولدى منظمة الصحة العالمية، دون تمييز”، مشيرا إلى أن “الحق في الصحة حق شامل لا يقتصر على تقديم الرعاية الصحية المناسبة في حينها، بل يشمل كل المقومات الأساسية المرتبطة بصحة الإنسان وحقه في الحياة”.

وفيما يخص انعدام بعض الأدوية والوسائل التي يحتاج إليها مرضى السكري بإقليم سطات، سجل النجار خصاصا مهولا لدى الأسر المعوزة والفقيرة التي لا تتوفر على الإمكانيات لاقتناء نوع من الإبر، وهو ما يجعل هذه الأسر تعيش المعاناة في صمت تزامنا مع جائحة “كورونا”، فضلا عن افتقادها إلى وسائل قياس الضغط ونسبة السكر في الدم، والتتبع عن طريق الفحص الشامل لكل أعضاء الجسم التي يمكن أن تتأثر بسبب مضاعفات مرض السكري كشبكة العين وشرايين القلب وغيرهما.

وأشار بوشعيب النجار إلى أن الجمعية الحقوقية التي يمثلها طالبت وزارة الصحة بتوفير الأنسولين للمرضى الحاصلين على بطاقة “الراميد”، في ظل إغلاق باب الجمعيات المكلفة بالتوجيه وتدبير ملفات المرضى والمنخرطين المنتمين إليها، خاصة أن الداء مزمن وله مضاعفات كثيرة، وهو ما يتطلب القرب من المرضى وتقديم الرعاية الصحية التي يحتاج إليها كل مريض في الوقت المناسب.

وطالب النجار الجهات المسؤولة بفتح تحقيق في الموضوع، معللا ذلك باستقبال الجمعية الحقوقية التي يمثلها عددا من المواطنين الذين يشتكون من غياب نوع خاص الأنسولين، حيث يضطرون لاقتنائه من الصيدليات بـ120 درهما، خاصة بعد إغلاق الحدود بسبب “كوفيد-19″، متسائلا عن دور الجمعيات التي تتلقى الدعم في هذا المجال، إلى جانب الجهات المسؤولة، في مثل هذه الحالات، أمام قلة الموارد البشرية المختصة في السكري بمستشفى الحسن الثاني بسطات.

ووجه الفاعل الحقوقي ذاته نداء إلى الجمعية المكلفة بتسيير مركز المساندة والتوجيه لفائدة مرضى السكري لفتح أبواب المركز في وجه المواطنين المنخرطين والمرضى الجدد الذين يرغبون في الانخراط، مناشدا المحسنين وكل الشركاء التدخل قصد الدعم وتقديم المساعدة لفائدة هذه الفئة من المرضى التي تعاني في صمت، خاصة أن من بينها أطفال.

جمعية المساندة توضح

لحسن الطالبي، رئيس جمعية داء السكري بسطات، وصف في تصريح لهسبريس مركز المساندة والتوجيه بأنه من المشاريع الكبرى على الصعيد الوطني، مقدما الشكر إلى العمال والمساهمين، خاصة المجلس البلدي، معللا ذلك بتصميمه الألماني ومساحته ومكوناته ومحتوياته اللوجيستيكية.

وأوضح الطالبي أن المشروع يتكون من بناية من طابقين، فضلا عن الطابق تحت أرضي، ويتوفر على قاعة للرياضة تفوق مساحتها 380 مترا مربعا، وحديقة، وقاعة للمحاضرات وأخرى للتدليك، ومكاتب للاستماع والتوجيه، ومخازن للأدوية والتجهيزات الطبية.

وتمنى رئيس جمعية داء السكري بسطات من المسؤولين وجميع فعاليات الإقليم تقديم المساعدة والعون لحل المشاكل المطروحة أمام المشروع، المتمثلة في انعدام اليد العاملة ومختلف الموارد البشرية المتخصصة في التربية البدنية، مشيرا إلا أن إحدى الجمعيات الشريكة زودت قاعة الرياضة ببعض التجهيزات ينتظر تسلمها.

وطالب لحسن الطالبي عامل الإقليم بالتدخل قصد تمكين جمعية داء السكري بسطات من المساعدات التي لم تسلمها إحدى الجمعيات، متسائلا عن سبب الامتناع، مبرزا في الوقت ذاته أن تداعيات فيروس “كورونا” وتهديده المصابين بداء السكري، الذين يعتبرون من بين المواطنين الأكثر عرضة للخطر، كانت وراء الإغلاق بعد فتح المركز لمدة شهرين، كما أنه بعد ظهور متحور “كورنا” الجديد، تبين للجمعية أنه سيشكل خطرا على المرضى من جديد.

وعبر الطالبي عن استعداد جمعيته لافتتاح مركز التوجيه والاستماع واستئناف العمل في أقرب وقت، والقيام بدورها وفق قانونها الأساسي، كتقديم الأدوية والإبر للمنخرطين بأثمان رمزية، فضلا عن استفادتهم من برامج رياضية وحملات تحسيسية ودورات تكوينيه، وغيرها من الأهداف المسطرة من قبل مكتب الجمعية المكون من 13 عضوا، والأهداف من وراء تأسيسها تحت لواء الجامعة المغربية لداء السكري.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.