جميع الأخبار في مكان واحد

المطبلون أشدُّ خطرا على الوطن من المسؤول الفاسد

رمى الخليفة العباسي المتوكل عصفورا فلم يصبه ، فقال وزيره احسنت فرد الخليفة اتهزأ بي، فقال الوزير لقد احسنت إلى العصفور حينما تركت له فرصة للحياة.

التطبيل للمسؤولين و أصحاب الأموال و النفوذ ليس فنا حديثا، لكنه تطور تاريخيا من حيث النوع و الكم و أساليب المطبلين و أنواعهم، ففي حين كان أئمة النفاق و التطبيل من الأدباء و الشعراء أصبح اليوم من جميع فئات الشعب بما أتاحته لهم وسائل التواصل الاجتماعي من منابر نفاق و تطبيل لم تكن متاحة للجميع من قبل.

محترفي النفاق والتطبيل للمسؤولين وصناع القرار والثناء عليهم بما ليس فيهم والإشادة بهم دونما وجود لأي سبب يستدعي ذلك، هم السوس الذي ينخر في جسد الوطن، وهم من يعملون على توظيف نفاقهم للحصول على مكاسب ومصالح مادية أو نفعية، فنجدهم على طول الخط يرددون عبارات كاذبة و منمقة تولد لدى المسؤول القناعة التامة بصوابية قراراته وسياسته وتوجهاته، ويذهب نحو ترسيخها ومواصلتها ويستبسل في الدفاع عنها وإحاطتها بالمبررات .

مدح المسؤول الفاشل والثناء عليه وتلميع صورته والحديث عن إنجازاته (العملاقة)، وتقديمه على أنه (سفينة نوح) من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق وهوى، وتصويره على أنه المنقذ، ولولاه لما أكلنا وشربنا ولبسنا وتعلمنا ولما وصلت إلينا خدمات الهاتف والمياه والكهرباء…، هذه السياسة المشبعة بالنفاق والتزييف الجمعي لوعي المجتمع هي التي تقف خلف صناعة أشباه المسؤولين.

نخب النفاق والتطبيل شعارها “الولاء و التطبيل لمن يدفع اكثر”، لا قناعات سياسية ولا مبادئ أخلاقية، إنه الهوان وإنه الإفلاس النخبوي الذي أنتجته عمدا ومع سبق الإصرار والترصد قوى سياسية وقوى ظلامية جعلت من النخب سجلا تجاريا تحقق به مصالحها.

انها نخب قابلة للاستغلال، نخب كرست الانتهازية والوصولية ودخلت في صمت القبور وهذا ما أدى إلى انتشار الخطاب الشعبوي بقوة بل أصبح نظام حياة تتحكم فيه الدهماء بأسماء مغمورة في شبكات التواصل الاجتماعي.

مقززة إلى حد الموت تلك الأساليب والسلوكيات التي تحيط بها تلك النماذج من أصحاب التطبيل والنفاق، ولا شك في أن ذلك الأسلوب كان ولايزال جزءًا لا يتجزأ من أسباب التراجع والترهل وسوء الأداء، وتكدس المشاكل في مجتمعاتنا، لان المطبلون أشدُّ خطرا على الوطن من المسؤول الفاسد.

مسؤولونا اعتادوا على ” المديح” ، و”التزمير ” و”التهريج” ، والمواطن هو الآخر اعتاد على هذا “النفاق” والرياء والكذب .. هذه حقيقة لايمكننا الإفلات أو حتى الفكاك منها . مديح المسؤول ونفاق المواطن هو الذي أورثتنا تلك البلادة وذلك العقم الذي تمكن من تفكيرنا ، وجعلنا أسرى لأحلامنا وتطلعاتنا التي تكبر بالكلام ، وبالكلام فقط .. أيها “الكهنة ” .. أيها المنافقون المخادعون الكاذبون .. ابتعدوا عن المسؤولين …. دعوهم يعرفوا عيوبهم وأخطائهم.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.