مرصد يكشف وضعية السجناء بالمغرب .. ويرصد إضراب ما يفوق ألف نزيل عن الطعام (فيديو)
قدم المرصد المغربي للسجون تقريره السنوي المتعلق بوضعية السجناء والسجينات سنة 2020، حيث كشف عن عدد من الاختلالات بالسجون خاصة في ظل جائحة كورونا.
واعتبر عبد اللطيف رفوع، رئيس المرصد المغربي للسجون، في تصريح لوسائل الإعلام، أن هذا التقرير يأتي في ظل سياق يتسم بمنحى تراجعي في مجال الحريات وحقوق الإنسان، وتسييد المقاربة الأمنية المتشددة والتي تراوحت بين فرض القيود على الحريات العامة، وموجة من الاعتقالات، ومحاكمة وإدانة العشرات من النشطاء، والمدافعين على حقوق الإنسان والصحفيين، وعدم الاستجابة لمطالب الحركة الحقوقية بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين على خلفية الحركات الاجتماعية.
توظيف جائحة كورونا لخنق الحريات
وتميزت سنة 2020 – السنة التي يغطيها التقرير، حسب رفوع، بسياق وطني ودولي اتسم بجائحة “كوفيد-19″، وما أبانت عنه من عجز الأنظمة السياسية على جعل الإنسان وحقوقه في قلب اختياراتها الاقتصادية والاجتماعية، وما رافقها من تقييدات وتدابير وإجراءات، كثيرا ما تم توظيفها لخنق والتضييق على عدد من الحقوق والحريات الأساسية للمواطنات والمواطنين.
كما نبه المرصد المغربي للسجون إلى وضعية السجناء والسجينات خلال هذه الفترة الحرجة، معتبرا أن قلق أسر السجناء والسجينات على ذويهم وراء الأسوار، قلق مشروع، داعيا الجميع إلى تحمل مسؤوليته وتنوير الرأي العام وأسر النزلاء والنزيلات حول الوضع الصحي داخل المؤسسات السجنية، وإلى العناية بمصيرهم ووضعها ضمن الأولويات في مواجهة انتشار الفيروس.
وجدد المرصد دعوته إلى إطلاق سراح جميع معتقلي الرأي والاحتجاجات السلمية وتقليص عدد السجناء الاحتياطيين بالإفراج عن النساء السجينات المرفقات بأطفالهن، والسجناء في وضعية إعاقة وذوي الأمراض المزمنة والمسنين للتقليص من ظاهرة الاكتظاظ داخل المؤسسات السجنية.
أما على المستوى التشريعي، فذكّر المرصد بإصدار قانون رقم 2.20.292 المتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات الإعلان عنها، الذي تم الارتكاز عليه لاتخاذ مجموعة من الإجراءات المتعلقة بالشأن السجنى، كتعليق الزيارات، وإقرار المحاكمة عن بعد، في حين لم يتم إخراج، حسب التقرير، الإصلاحات المرتبطة بالسياسة الجنائية والقانون المنظم للسجون إلى حيز الوجود.
ألف إضراب عن الطعام و213 حالة وفاة
كشف التقرير السنوي للمرصد المغربي للسجون حول أوضاع السجناء، أن حالات الإضراب عن الطعام بلغت 1011 حالة سنة 2020.
وأوضح التقرير، أن حالات الإضراب عن الطعام شهدت انخفاضا خلال سنة 2020 مقارنة بالسنوات الماضية، حيث بلغت 1382 حالة سنة 2019 و1573 حالة إضراب سنة 2018.
وأشار التقرير ذاته إلى أن 624 سجينا خاضوا إضرابا عن الطعام لمدة تقل عن أسبوع، و323 سجينا لمدة تتراوح ما بين أسبوع وشهر، في حين خاض 64 سجينا إضرابا عن الطعام لمدة فاقت الشهر، مضيفة أن %24.1 من نسبة حالات الإضراب عن الطعام هي لأسباب متعلقة بظروف الاعتقال.
وأضاف المرصد المغربي للسجون أن باقي حالات الإضراب متعلقة بأسباب أخرى كالمتابعة القضائية أو بالأحكام والتي وصل مجموعها إلى 767 حالة بنسبة %75.9، مشيرا إلى أن سنة 2020 عرفت إصدار دليل عملي من أجل إرساء تدبير موحد لحالات الإضراب عن الطعام بالمؤسسات السجنية من طرف لجنة تقنية ضمت أطرا تابعة لوزارة الصحة، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، ورئاسة النيابة العامة والمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، بشراكة مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
من جهة ثانية، كشف المرصد أن سنة 2020 شهدت ارتفاع عدد الوفيات بالمقارنة مع سنة 2019، بتسجيل ارتفاع وزيادة بلغت 42 حالة وفاة، 11 حالة وفاة منهم فقط من جراء كوفيد 19، مشيرا إلى تسجيل 213 حالة وفاة في المؤسسات السجنية وهو ما يمثل 2.51% من مجموع نزلاء المؤسسات السجنية. %99 منها رجال و4 أحداث.
وشدد المرصد على أن موضوع الوفيات بالمؤسسات السجنية شكل إحدى الانشغالات الكبرى للمرصد المغربي للسجون والحركة الحقوقية عموما، حيث أن الأمر يتعلق بأقدس الحقوق وهو الحق في الحياة، خصوصا أن بعض حالات الوفيات لا يتم إجلاء الحقيقة كاملة بشأنها وبملابساتها.
غياب الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب
وفيما يرتبط بالوقاية من التعذيب، أكد المرصد أنه رغم تنصيبها الرسمي في شتنبر 2019، اكتفت الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب بتدارس المنهجية التي يتعين اعتمادها للاضطلاع بمهامها وإعداد خطة عمل قصيرة ومتوسطة الأمد تعطي الأولوية للتنظيم الداخلي وتعزيز القدرات، في حين لا زالت الحركة الحقوقية تترقب، حسب التقرير، عمل هذه الآلية التي أسندت للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، وتطالب بالعمل من أجل إخراجها من وضعية الجمود التي توجد عليها.
ويهدف المرصد من خلال هذا التقرير السنوي إلى تسليط الأضواء وإثارة الانتباه إلى وضعية المؤسسات السجنية ومدى احترامها للمعايير المعمول بها، وذلك في أفق البحث في إمكانيات النهوض بها وتأهيلها، وجعلها تلعب أدوارا رئيسية في التأهيل وإعادة الإدماج والوقوف على أهم السمات والمميزات التي طبعت الواقع السجني بالمغرب.
وتم الارتكاز في إعداد هذا التقرير على تجميع وقراءة مختلف المعلومات التي تم استقائها من المعطيات والإحصائيات الرسمية الصادرة عن المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، والتقارير الصادرة عن مختلف الهيئات الرسمية التنفيذية والتشريعية، والبيانات والتقارير والمواقف الصادرة عن المرصد المغربي للسجون، علاوة على شكايات وتظلمات عدد من المعتقلين وعائلاتهم، التي توصل بها المرصد المغربي للسجون، بالإضافة الى التقارير والبيانات والمواقف الصادرة عن المنضمات الحقوقية الوطنية والدولية، وكذا الأخبار والمقالات والدراسات والتحقيقات الصادرة في مختلف وسائل الاعلام.