حقوقي ينادي بصد التحرش الرقمي
قال بوبكر أونغير، رئيس العصبة الأمازيغية لحقوق الإنسان، إن تطور الجرائم الإلكترونية أمام تقليدية أدوات التحقيق والإثبات، يجعل من الضروري الإسراع في مواكبة وتكوين المعنيين بتنفيذ القوانين من قضاة وضباط محلفين، وغيرهم من رجال القانون، الذين هم في أمس الحاجة إلى تكوين مستمر يواكب تطور الجرائم الإلكترونية بصفة عامة، وجرائم التحرش الجنسي على وجه الخصوص.
جاء ذلك في ندوة تحسيسية نظمتها جمعية رمال للتنمية الأسرية بالخزانة الوسائطية بمدينة كلميم، بحضور ثلة من فعاليات جهة كلميم وادنون، لتدارس موضوع ظاهرة التحرش الجنسي ضد النساء والفتيات والأطفال من خلال مقاربات أخلاقية وقانونية وسوسيولوجية وحقوقية واجتماعية.
وفي كلمة له ضمن أشغال الندوة، قال الفاعل الحقوقي بوبكر أونغير إن المشرع المغربي اعتبر التحرش الجنسي ضمن الممارسات العنيفة التي تمس حقوق الأفراد، وخصوصا النساء، لذلك أفرد لها فصولا كثيرة وهامة في القانون المرجعي 103/13 الذي اعتبر التحرش الجنسي عنفا كامل الأوصاف والأركان.
وأضاف أن المشرع اعتبر أيضا التحرش عنفا ومسا بحقوق الإنسان في تعديلات القانون الجنائي، وخصوصا التعديلات التي طرأت على الفصول 447-1 و447-2 و447-3 التي تركز على تجريم استعمال صور الغير من أجل التشهير أو المس بسمعة أي فرد في المجتمع باستعمال أي وسيلة من الوسائل، كما أن الفصل 501-1 من القانون الجنائي فصل فيما يتعلق بتجريم كل الممارسات التي تستهدف الضغط والإكراه.
وأشار رئيس العصبة الأمازيغية لحقوق الإنسان إلى أن الفصل 501-1 واضح؛ إذ ينص على أنه يعاقب بالحبس من سنة إلى سنتين وبالغرامة من خمسة آلاف إلى خمسين ألف درهم من أجل جريمة التحرش الجنسي، كل من استعمل ضد الغير أوامر أو تهديدات أو وسائل للإكراه أو أي وسيلة أخرى.
وأثار أونغير في مداخلته إشكال استعمال التكنولوجيات الحديثة الرقمية والصعوبات التي تعترض المبلغين على هذه الجرائم، وخصوصا ما يتعلق بصعوبة الإثبات وتعقد المساطر المتبعة التي تنتظر الخبرة القضائية، وكذا إمكانية أن يكون مرتكب جريمة التحرش الجنسي خارج البلاد، مما يستدعي التنسيق والتعاون القضائي الدولي.
أما في الجانب القانوني، فأوضح أونغير أن المشرع المغربي بذل جهودا حثيثة من أجل مواكبة جميع المستجدات الواقعية والظواهر الجديدة، ولكن يلزم تطوير فصول القانون الجنائي لتكون حديثة ومتطورة ومسلحة بالخبرة العلمية والتقنية اللازمة لإحقاق كل الحقوق.
وأكد الناشط الحقوقي نفسه أن الإحاطة بظاهرة التحرش الجنسي يلزمها مداخل ومقاربات مختلفة لكنها متناغمة ومتكاملة؛ فإلى جانب المقاربة الأمنية القانونية الزجرية، يلزم دراسة الظاهرة سوسيولوجيا لفهمها والقيام بدراسات معمقة عن أسباب استفحالها واقتراح بدائل تشريعية ومداخل عمومية يمكن أن يستفيد منها المدبر العمومي في اجتراح حلول جزئية أو جذرية لهذه الظاهرة المشينة التي تمس في العمق حقوق الإنسان.
وشدد أونغير على ضرورة المقاربة الحقوقية في بعدها التربوي والنفسي لفهم الظاهرة ومحاولة اجتثاثها عبر التنشئة الاجتماعية، وإدماج التربية الجنسية في المناهج والمقررات الدراسية، وتشجيع ضحايا التحرش الجنسي على الإبلاغ على الجرائم ودعم الضحايا نفسيا.
كما يلزم المقاربة الحقوقية، وفق بوبكر أونغير، عمل مواز يتعلق بتعزيز الحياة المدرسية لدى الشباب وإعطائهم الفرصة لتفجير طاقاتهم الخلاقة، وأن تلعب المؤسسة الدينية دورها كاملا في نشر القيم الإنسانية الفضلى والحث على القيم النبيلة.