المهاجرة حفصة إعزة .. “سليلة خنيفرة” تستثمر في الزراعة والماشية
تحتفي جريدة هسبريس الإلكترونية، في ثامن مارس من كل سنة، بالمرأة المغربية التي تحتفل بعيدها الأممي كباقي نساء العالم، وتقرب قراءها من وجوه نسائية قدمن الكثير لوطنهن الأم (المملكة المغربية) في مجالات متعددة، السياسية منها والاقتصادية والاجتماعية.
في هذا البورتريه، تسلط الجريدة الأضواء على السيدة حفصة إعزة، المهاجرة بالديار الإسبانية، والمنحدرة من مدينة خنيفرة، التي استطاعت اقتحام عالم الفلاحة من بابه الواسع، متحدية جميع العراقيل والتقاليد التي كانت تعيق استثمار المرأة في المجال الزراعي وتربية المواشي.
حفصة إعزة، متزوجة وأم لثلاثة أبناء، تؤكد في تصريح لهسبريس أنها ومنذ صغرها تحمل حلما كبيرا بالنجاح، وأملا دفينا في صناعة غد أفضل، من خلال ولوج عالم الاستثمار بمنطقة ظل الاستثمار في المجال الفلاحي فيها حكرا على الرجال دون غيرهم، مضيفة: “لكنني تعلمت منذ نعومة أظافري أن النجاح يحتاج إلى سلاح قوي، لذلك جعلت العلم والتعلم سلاحي السري لمستقبل زاهر”.
وتعيش حفصة هي وزوجها وأبناؤها حاليا بمدينة برشلونة الإسبانية، حيث تشتغل من أجل تمويل مشاريعها بالمغرب، إذ تعشق تربة بلدها وتتفانى في خدمتها بكل ما تملك، رغم الصعوبات التي تواجهها في السنوات الأخيرة بسبب الجفاف، وتعقيد المساطر الإدارية في تجهيز أراضيها التي تفوق 200 هكتار ضواحي منطقة “كف السنور”.
وفي هذا الصدد تقول إعزة إنها تحب الفلاحة منذ صغرها، ما دفعها في كبرها إلى خدمة الأرض وتربية المواشي، بدعم ومساعدة من زوجها الحسين العمراني، مضيفة: “بالنظر إلى الطبيعة الجغرافية التي ترعرعت فيها، ربطتني علاقة حب وطيدة بالأرض والفلاحة”.
امرأة وازنة
هي صاحبة يد بيضاء، وبسمة لا تنضب تخبئ وراءها الأصالة والكرم، الحديث معها شيق يحمل بين طياته كلمات جميلة تنم عن عمق الاقتران بالأرض ووطنها الأم، إنها حفصة إعزة التي ولدت بمدينة مريرت، من والديها المنحدرين من إقليم تنغير.
بملامح جادة وعزيمة قوية مدججة بالإرادة والتحدي، وعيون تتطلع نحو مستقبل مشرق، تستقبلك حفصة في أرضها الفلاحية التي تقدر بحوالي 200 هكتار وبداخلها حظيرة لتربية المواشي، حيث فتحت قلبها لجريدة هسبريس لتحكي لنا تجربتها الغنية في مجال “خدمة الأرض” و”تربية المواشي”.
حسن أيت علي، من سكان المنطقة، أكد في تصريح للجريدة أن “الكثير من أبناء المنطقة والمقربين من حفصة يعتبرونها نموذجا للمرأة المكافحة التي يجب أن تكون قدوة لباقي نساء المنطقة خاصة والمغرب عامة”، موضحا أن المعنية بالأمر يمكن وصفها بأنها “امرأة بألف رجل”.
وأوضح المتحدث ذاته أن “مثل هذه النماذج من النساء يجب تقديم جميع التسهيلات لها من أجل إنجاح مشاريعهن، والأخذ بأيديهن لبلوغ الأهداف والطموحات، من أجل تشجيع باقي النسوة على السير على نهج الناجحات منهن”، مردفا بأن “حفصة تكافح رفقة زوجها من أموالهما الخاصة، ولم يسبق لهما التوصل بأي دعم من أي جهة، ما يعيق تطوير مشروعهما، سواء المتعلق بخدمة الأرض أو تربية المواشي”، بتعبيره.
من جهتها، قالت حفصة إعزة: “أستثمر كل وقتي وأموالي رفقة زوجي من أجل المساهمة في تنشيط الحركة الاقتصادية محليا، من خلال تشغيل يد عاملة من أبناء المنطقة”، مضيفة: “أملك رفقة زوجي مساحة أرضية مهمة صالحة للفلاحة، لكن الجفاف هذه السنة لم يترك لنا مجالات لحرثها، فقررت إعطاء أهمية كبيرة لتربية المواشي”.
وأوضحت إعزة، في تصريح لهسبريس، أن لديها طموحا كبيرا من أجل تحويل الهكتارات من الأراضي التي تملكها رفقة زوجها إلى ضيعات فلاحية من أشجار مختلفة، لكن تحتاج إلى تمويلات مهمة ودعم من وزارة الفلاحة، مشيرة إلى أنها لم يسبق لها أن استفادت من أي دعم لكونها لم تعرف أي باب يمكنها أن تطرقه، لتجهيز أراضيها بوسائل الري بالتنقيط، والاستفادة من الأعلاف المدعمة.
طموحات محددة
فاطمة الزهراء إعزة، شقيقة حفصة، قالت إن الأخيرة حرصت على التوفيق بين خدمة الأرض في وطنها الأم والعمل في المهجر وتربية أبنائها، مشيرة إلى أن شقيقتها مثال للمرأة المغربية الصبورة والحنونة، إذ تمكنت من بناء أسرتها ومهنتها في آن واحد.
وأوضحت المتحدثة ذاتها، في تصريح لهسبريس، أن “الزوج لعب دورا مهما في نجاح حفصة في عملها في البيت والعمل، لأنه لم يمانع بتاتا من مواصلة عملها في خدمة الأرض (الفلاحة)، بل كان دائما سندا لها ويقدم لها الدعم والتحفيز لبلوغ أهدافها”، مشيرة إلى أن شقيقتها “تحمل في داخلها طموحا لتكون أكبر مستثمرة فلاحية بإقليم خنيفرة والمغرب عموما”.
في هذا الصدد تعود حفصة إعزة لتؤكد أنها تسعى إلى بناء ضيعة فلاحية كبيرة بالمنطقة، لتشغيل يد عاملة دائمة والمساهمة في تنشيط الحركة الاقتصادية المحلية والجهوية، مشيرة إلى أن ذلك يمكن تحقيقه بدعمها ومساعدتها من قبل القطاعات الحكومية المكلفة بالفلاحة.
“حلمي أن التقي وزير الفلاحة، محمد الصديقي، من أجل طرح فكرتي وهدفي أمامه، لمساعدتي على تجاوز كل العراقيل التي أعاني منها حاليا في عملي الفلاحي”، تقول إعزة، مضيفة: “تم استقبالي من طرف مسؤولي عمالة خنيفرة بخصوص الموضوع، وقدموا لي مجموعة من التوضيحات والاقتراحات، خاصة المتعلقة ببناء مزرعة لتربية الدواجن، وأنتظر اتصالهم من أجل الانطلاق في بنائها عما قريب”.
“خدمة الأرض شرف كبير بالنسبة لي، خاصة أن للفلاحة دورا مهما في اقتصادنا الوطني، وحتى الاقتصاد العالمي”، تستطرد حفصة، التي أشارت إلى أنها تريد تحقيق طموحاتها وأهدافها في المجال الفلاحي وتربية المواشي والدواجن، مضيفة: “مثل هذه المشاريع الاستثمارية توفر أولا فرص الشغل، وتكون ثانيا حافزا لباقي النساء من أجل السير في طريقنا”.
مطالب مشروعة
وطالبت حفصة إعزة جميع المسؤولين بضرورة تبسيط مساطر الاستثمار أمام المهاجرين المغاربة الراغبين في الاستثمار وخدمة وطنهم الأم، موضحة أن “البيروقراطية تتسبب في نفور المهاجرين من الاستثمار في وطنهم، خاصة أن لهم التزامات أخرى بالمهجر، ولا يمكنهم البقاء في المغرب لوقت طويل”.
واقترحت المتحدثة ذاتها، في تصريح لهسبريس، على القطاعات الحكومية “إحداث شبابيك خاصة لفائدة أفراد الجالية المغربية في كل الإدارات، من أجل تسهيل عملية استقبالهم ووضع استفساراتهم واقتراحاتهم، وللرد عليهم في وقت وجيز، مع ضرورة تحفيزهم كباقي المغاربة من خلال تسهيل مساطر دعم الدولة للاستثمار”.
وختمت المتحدثة ذاتها: “إحداث الشبابيك الخاصة بالمهاجرين المغاربة في الإدارات العمومية سينهي معاناة آلاف المواطنين”، مضيفة: “نحن جزء من هذا الوطن، ورعايا صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، ونحن مجندون وراءه في كل الأوقات والمناسبات”.