مفاوضات الحدود البحرية تمهد لإنهاء “خلافات قديمة” بين المغرب وإسبانيا
يرتقب أن تستأنف السلطات الدبلوماسية بكل من مدريد والرباط مفاوضاتهما السياسية بخصوص ترسيم الحدود البحرية قبالة الصحراء خلال الأيام المقبلة، وذلك بعد عودة العلاقات الثنائية إلى مستواها الطبيعي.
وأشارت صحف إسبانية إلى وجود استعدادات مشتركة بين القطاعات الوزارية المغربية والإسبانية لترسيم الحدود البحرية، بحضور ممثلين عن حكومة جزر الكناري، قصد إنهاء الخلافات السابقة حيال الموضوع.
خلافات قديمة
في هذا الصدد، قال عبد الوهاب الكاين، فاعل حقوقي باحث في العلاقات المغربية-الإنسانية، إن “الخلافات مع إسبانيا قديمة قدم العلاقات معها، ومتشعبة بتنوع القضايا”.
وأضاف الكاين، في حديث مع هسبريس، أن “استمرار إسبانيا في معاكسة قضايا المغرب ومصالحه العليا، يدخل في دأب الإسبان على تغذية مجموعة من التوترات الصغيرة لإلهاء المملكة المغربية عن الخوض في إشكالات ظلت طي النسيان”.
وأوضح الخبير القانوني والحقوقي أن “الأمر يتعلق بقضية الثغرين المحتلين سبتة ومليلية، والجزر الجعفرية، وترسيم الحدود البحرية بين البلدين، وكذا إنهاء النزاع حول السيادة على الأقاليم الجنوبية”.
وتابع قائلا: “أرجع بعض المتتبعين الأزمة الأخيرة إلى استقبال زعيم البوليساريو قصد الاستشفاء على أراضي إسبانيا، غير أننا نرى أنه اتجاه مجانب للصواب، على اعتبار أن بداية سوء الفهم قديمة ومرتبطة أساسا بأطماع الجارة الشمالية في الأراضي المغربية، بدءا من شماله إلى جنوبه، وكذا دعم تنظيم البوليساريو المتواصل منذ خروجها من الإقليم”.
مخاوف إسبانية
يعتبر الكاين أن “ترسيم الحدود البحرية في يناير 2020 من قبل البرلمان المغربي، خطوة متقدمة سبقتها إرادة سياسية تبلورت ملامحها مع بدايات العهد الجديد بقيادة محمد السادس، تتلخص أسسها في نهج سياسة حازمة تجاه محاولات ابتزاز المملكة عبر الضغط في ملف الصحراء للحصول على تنازلات في قضايا كالهجرة ومكافحة الارهاب والجريمة المنظمة واتفاقيات الزراعة والصيد البحري”.
وأردف قائلا: “صرحت الصحافة الإسبانية عقب تبني قانون الترسيم المغربي بأن تلك الخطوة بداية لنزاع دبلوماسي طويل بين الطرفين، وأن عملية الترسيم تتعارض مع وضع الصحراء القانوني، وأي استغلال لثرواتها البحرية يعتبر انتهاكا للقانون الدولي، في إشارة واضحة لمحاولة إسبانيا حماية مصالحها والاستئثار بما تزخر به المنطقة الاقتصادية الخالصة قبالة جور الكناري، كجبل تروبيك”.
وتابع المتحدث بأن “عودة الدفء إلى العلاقات المغربية الإسبانية لا يمكن أن تخفي حجم المخاوف الإسبانية من استمرار المغرب على مواقفه السابقة والثابتة في الدفاع عن حقوقه بصلابة وحزم أمام أي طرف لا يراعي مصالحه العليا ويكيل العلاقات معه بمكيالين”، في إشارة واضحة لتوضيح موقف إسبانيا من عدالة مطلب المغرب بسيادته على صحرائه.
واعتبر الباحث السياسي عينه أن “إعادة إحياء المفاوضات بين الطرفين في ارتباط بترسيم الحدود البحرية، سيضع بوادر تطبيع العلاقات بين الجانبين على المحك، ذلك أن الطرف الإسباني يرى أن المياه البحرية يجب أن تكون فضاء مشتركا بين المغرب وإسبانيا”.
حزم مغربي
“المملكة المغربية لا يمكنها مراجعة مواقفها السابقة من ترسيم الحدود البحرية إلا إذا ضمنت معاملة بالمثل من الجانب الإسباني، بشكل يضمن حقوق المغرب المنصوص عليها بموجب اتفاقية الأمم المتحدة حول حقوق البحر”، يقول الكاين.
وأضاف أن “حزم وصلابة الموقف المغربي القاضي بترسيم الحدود البحرية، نابع أساسا من رغبة إسبانيا منذ 2014 في تقديم اقتراح لتوسيع جرفها القاري إلى غرب جزر كناريا بمساحة 220 ألف كيلومتر مربع، وهو الاقتراح الذي لم ينل رضى المملكة المغربية، بل وقدمت مجموعة من الملاحظات الشفوية”.
وواصل بأنه “في ظل هذه المعطيات المتناقضة لارتباطها الوثيق بمواقف الأطراف، فإن مسلسل المفاوضات بين الجانبين سيكون عسيرا لاختلاف وجهات النظر بشكل كبير في علاقة بالقضايا التقنية”.
وختم عبد الوهاب الكاين تصريحه لهسبريس بالقول إن تلك القضايا ترتبط بـ”مبدأ الخط الوسطي الذي يقضي بتوزيع التقسيم بين البلدين، واعتبار منطقة الترسيم فضاء مشتركا كما تود الجارة الشمالية، وتطبيق السيادة المغربية على حدودها البحرية القانونية خارج أي اعتبارات سياسية أخرى ستحد من مواقف المغرب السابقة التي لا تقبل المساومة على حقوقه ورؤيته لحل الإشكالات التي يعد طرفا فيها”.