“مؤسسة المتاحف” تسلم “أرشيف المغرب” وثائق تأريخ بدايات الأركيولوجيا بالمملكة
أزيد من نصف قرن من وثائق متحف التاريخ والحضارات بالرباط، التي توثق لبدايات الأركيولوجيا بالبلاد في القرن العشرين، وُقّع على تسليمها إلى مؤسسة أرشيف المغرب، من طرف المؤسسة الوطنية للمتاحف، المشرفة على تدبير الشأن المتحفي بالمملكة.
وفي اليوم الوطني للأرشيف، استقبل، الثلاثاء، متحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر بالرباط نشاط التوقيع على منح هذه الأرشيفات، بين المؤسستين؛ وهو نشاط يحمل، وفق المؤسسة الوطنية للمتاحف، طموح “حث المؤسسات الأخرى على الإسهام، بمثل هذه المبادرة، في الذاكرة الوطنية”.
ويقول أنس السدراتي، محافظ متحف التاريخ والحضارات بالرباط، إن هذا الأرشيف يوثق “مرحلة بداية علم الآثار في المغرب بصفة إدارية وعلمية، في مصلحة الآثار القديمة، ومصلحة الآثار بعد الاستقلال”، بعدما كان “محفوظا داخل متحف التاريخ والحضارات، الذي كانت هذه المصلحة نواته”.
وتابع السدراتي في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية: “عملية تسليم هذا الأرشيف تدخل في إطار واحدة من أهم مهمات المؤسسة الوطنية للمتاحف، التي هي توثيق وحفظ هذا الرصيد الأرشيفي للمتحف”، حتى تتسلمه مؤسسة أرشيف المغرب من أجل “المحافظة عليه، ومسحه الضوئي، وترتيبه، ووضعه في حامل يسهل على الباحثين الاطلاع عليه، ويتاح البحث عنه في الإنترنت”.
ويرى محافظ متحف التاريخ والحضارات أن أهمية هذه المبادرة تتجلى في “الحفاظ على هذه الذاكرة الجماعية للمغرب؛ فهذه المؤسسة (مصلحة الآثار القديمة) قامت بدور كبير في علم الآثار بالمغرب في بداياته خلال القرن العشرين، وتسليمه لمؤسسة أرشيف المغرب يدخل في إطار الحفاظ عليه، وإبقائه للأجيال القادمة، وليكون متاحا لجميع الباحثين، من علماء آثار وأكاديميين، للاطلاع عليه والاشتغال عليه، وحبذا لو يصلوا إلى معلومات جديدة”.
وفي افتتاح نشاط التوقيع على تسليم هذا الأرشيف قال المهدي قطبي، رئيس المؤسسة الوطنية للمتاحف، إن مقصد المبادرة أن “يُحفَظ ويصان لكل مغربي، وخاصة للأجيال المقبلة”.
وفي تصريح لهسبريس ذكر قطبي أنه “في عيد ميلاد الأرشيف الوطني، واليوم الوطني للأرشيف، اخترنا هذا اليوم ورمزيته لوضع هذا الأرشيف كله رهن إشارة ‘أرشيف المغرب’ حتى يصونه، ويتيح الولوج إليه من طرف جميع الباحثين والمغاربة، ليروا تاريخ ولادة أول متحف بالمغرب، وهذا مثير للاهتمام ونموذج يقدم للمؤسسات العمومية الأخرى لتتبعه”.
من جهته، تحدث جامع بيضا، مدير مؤسسة أرشيف المغرب، عن “الغنى المعتبر” لهذه الأرشيفات التي “تغطي مرحلة منذ ما قبل العقد الثاني من القرن العشرين”، وتحمل “إضاءات حول تاريخ الأركيولوجيا بالمغرب”، ويمكن أن تُستَثمر في “تأويل الكشوفات المعاصرة، وفي استكشافها في ضوء المستجدات الأركيولوجية، وتكون موضوع نقاش بين المتخصصين”، قبل أن يسجل أن هذه المبادرة “تستحق أن تكون نموذجا”.
وفي تصريحه لهسبريس، ذكر بيضا أنه “سعيد باختيار هذا التاريخ (اليوم الوطني للأرشيف وعيد ميلاد المؤسسة) لتقوم المؤسسة الوطنية للمتاحف بخطوة مهمة جدا، في سيرورة إحالة الأرشيف العمومية على مؤسسة أرشيف المغرب”.
وواصل المؤرخ ومدير الأرشيف الوطني: “تحال علينا أرشيفات تغطي فترة زمنية مهمة من 1918 إلى أواخر سبعينيات القرن العشرين، وهذا مهم بالنسبة لنا، لأننا كنا نشكو إلى يومنا هذا من ثغرة في مجموعاتنا الوثائقية، وهذه المبادرة الطيبة جاءت لتغطيها وتسمح لنا بإثراء مجموعاتنا وفي الوقت نفسه وضع هذا الموروث الأركيولوجي رهن إشارات الباحثين والمهتمين”.
وجوابا عن سؤال لهسبريس حول دعوات المؤسسة إلى منحها الأرشيفات العمومية والخاصة، من أجل نسخها ورقمنتها، قال بيضا: “المؤسسات العمومية مجبرة بالقانون على إحالة الأرشيفات على المؤسسة، والموروث العمومي في الحفظ، ولا يسمح لأي مؤسسة عمومية أو وزارة بإتلاف أي أرشيفات. والدعوات التي أقوم بها عادة تستهدف الخواص، لإقناعهم بإحالة أرشيفاتهم الخاصة على المؤسسة، حتى لا تذهب إلى ديار أخرى ونفقدها للأبد”.
تجدر الإشارة إلى أن مؤسسة “أرشيف المغرب” تناط بها أساسا مهمة “صيانة تراث الأرشيف الوطني، والقيام بتكوين (أرشيف عامة) وحفظها وتنظيمها وتيسير الاطلاع عليها لأغراض إدارية أو علمية أو اجتماعية أو ثقافية”.
ويعاقب، برسم القانون المتعلق بالأرشيف، “كل من سرق وثيقة من الأرشيف العام أو الخاص محفوظة في مصلحة عامة للأرشيف أو أتلفها أو تسبب في الإضرار بها”، بعقوبة حبس تتراوح مدتها بين سنتين وعشر سنوات.
وحسب القانون نفسه، يتعين على كل شخص خاص طبيعيا كان أو معنويا في حوزته “أرشيف عامة” بأي صفة من الصفات أن يردها إلى الهيئة التي أنتجتها أو إلى “أرشيف المغرب”، كما يتعين على كل إدارة أو هيئة أو مؤسسة، من دولة وجماعات محلية ومؤسسات ومنشآت عامة وهيئات خاصة، مكلفة بإدارة مرفق من المرافق العامة، تسليم أرشيفها، عند انتهاء نشاطها، إلى “أرشيف المغرب”.